إبراهيم بن سعد الماجد
تبلغ الحماقة السياسية أوجها، عندما يعتقد - السياسي - في العدو التاريخي خير له يوماً ما.
ولعل المتابع للشأن السياسي الإسلامي يلحظ شيئاً من تلك الحماقات يحدث بين فترة وأخرى.
في أيامنا الماضية شاهدنا حماقة سياسية عربية إسلامية وثقت أو قل بالأصح اعتبرت - إيران - دولة يمكن أن تكون مؤثرة وذات بعد استراتيجي يعتمد عليه، فكانت النتيجة من أول لقاء الفشل، وانفضاض الجمع، بعودة العقلاء إلى قائد الأمة وبركتها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، اعتذاراً واعترافاً بالخطأ التاريخي الذي ارتكب.
نحن في المملكة العربية السعودية منذ تأسيسها على يديِّ الملك عبدالعزيز - رحمه الله - وإلى هذا اليوم، نجمع ولا نفرق، نصلح ولا نفسد، نقيل العثرات، ونجبر الانكسارات، سياسة راسخة متينة، من ينازعنا إياها يفشل.
لكن التاريخ الصفوي يقول:
يُعد إسماعيل الصفوي مؤسسها عام 1501م فمن هو إسماعيل؟
تقول المصادر إن للظروف الأسرية وظروف الحكم دوراً أساسياً في تكوين شخصية إسماعيل مؤسس الدولة الصفوية، فقد كانت نشأته في بيئة تعج بالفتن والخرافات وكذلك بالحروب وذلك نتيجة طبيعية لما تقوم به الفرق الصوفية الضالة والمغالية, وإسماعيل هذا يأتي من أحدها. كما أن أجداد إسماعيل عاشوا في كنف تيمورلنك الذي كان يقرب أصحاب الطرق الصوفية لمصالح سياسية بحتة, كون هؤلاء الصوفية وخاصة علماؤهم لهم مكانة عند عموم الناس.
ذكر ذلك الدكتور كامل الشيبي في كتابه (الفكر الشيعي والنزعات الصوفية) فقد كانوا يكثرون من الدعاء لإسماعيل هذا, ويعتبرون كل أعماله من وحي الغيب, وقد تقرب من شيعة خرسان الذين كان لهم حضور مؤثر, بل إنه سك عملة بأسماء الأئمة الاثني عشر, تقرباً لهم, وكانت حملته على الشام تحت غطاء الانتقام من أبناء يزيد ثأراً للحسين بن علي رضي الله عنهما.
وفيما يتعلق بالبيئة الخارجية التي نشأ فيها إسماعيل الصفوي وأجداده. فقد نشأ يتيم الأب بعد مقتل والده وعمره سنة واحدة، ولا يخفى على أحد أن لوالدته مارتا بنت حسن الطويل وأمها المسيحية كاترينا دورا مهما في تربيته بعد وفاة أبيه المبكرة. تولى الزعامة وعمره لم يتجاوز ثلاث عشرة سنة وخاض عدة معارك طاحنة مع ملك شيروان ثأرًا لجده وأبيه الذين قتلا هناك وألحق الهزيمة بملكها «فرخ يسار» وذلك سنة 1500م، وتذكر المصادر التاريخية ومنها - البدر الطالع في محاسن القرن السابع - أن الشاه إسماعيل وإمعانًا في قسوته وحقده وضع «فرخ يسار» ملك شيروان -الذي وقع أسيرًا- في قدر كبير وأمر أتباعه بأكله!! وتمكن بعدها من الاستيلاء على تبريز بعد معارك مع الوند ميرزا حاكم ألآق قوينلو في أذربيجان وانتصر عليهم، وهناك أعلن قيام الدولة الصفوية عام 907 هـ/ 1501 م ووضع تاج أبيه الديباجي على رأسه واستطاع خلال سنوات من توسيع حدود دولته وأصبحت عاصمتها أصفهان حيث ضم إليها ما وراء النهر.
وتذكر الكثير من المصادر ومنها مصادر شيعية أن إسماعيل كان يقوم بتصفية لعلماء السنة تحديداً عند أي سيطرة له على إقليم, بل إنه كان ينحرهم نحر الشياه!!
لا ننسى علاقته السيئة مع الدولة العثمانية التي كانت تعامله معاملة تليق بمجرم مثله فقد دحرته في أكثر من معركة, لكنه يعود مرة أخرى لما يجده من دعم بشكل أو بآخر من قوى غربية تخشى الدولة العثمانية, ووجدت في إسماعيل منقذاً سيشغل العثمانيين الذين تمددوا في أجزاء من أوربا عن تمددهم وسيطرتهم السريعة على تلك الدول.
عند جزئية العلاقة العثمانية بالدولة الصفوية أقف وقفة نظر في ما عنيته بعنوان هذه المقالة (الحماقة السياسية) مشيراً إلى الارتباط التركي بملالي إيران!! واعتقادهم بأنهم دولة يمكن أن يكونوا بدلاً للسعودية في المعادلة السياسية!!
الإيرانيون في الحقيقة يرون في تركيا عدوا استراتيجيا قديما، لكن الزعامة التركية المتهالكة تدخل رقبتها في خناقة ملالي إيران عن علم أو جهل، وتلك هي - الحماقة السياسية - !!
خادم الحرمين الشريفين أكد عندما اتصل به رئيس وزراء ماليزيا مهاتير محمد قبل أيام: أكد على أهمية العمل الإسلامي المشترك من خلال منظمة التعاون الإسلامي بما يحقق وحدة الصف لبحث كافة القضايا الإسلامية التي تهم الأمة.
رئيس وزراء باكستان جاء للرياض مؤكداً الموقف الباكستاني القديم من العلاقة السعودية الباكستانية، هذه التراجعات عن الخطأ تؤكد حقيقة واحدة، ألا وهي عدم الثقة في النظامين التركي والإيراني، وأن ما كاد أن يكون كان - حماقة سياسية - بامتياز!!
قيادية الأمة العربية والإسلامية .. سعودية.. سعودية، ومن ينازعها فيها يفشل، والسلام.