فضل بن سعد البوعينين
يعتبر الدفاع المدني أحد أهم الأجهزة العسكرية المعنية بالحفاظ على المكتسبات الوطنية وسلامة المواطنين والمقيمين على حد سواء. سلامة الأرواح والممتلكات هي عقيدة رجال الدفاع المدني، وهدفهم الرئيس فهم يعملون في وقت السلم وفي حالات الكوارث والحروب. قد تتشابه مهام ومسؤوليات أجهزة الدفاع المدني عالمياً، إلا أنه من المهم الإشارة إلى تشعب مهام الدفاع المدني السعودي ما قد يحمله مسؤوليات إضافية ومنها على سبيل المثال لا الحصر المهام الوقائية المتشعبة والمتخصصة والتي ربما استحوذت على جزء مهم من أعمال الجهاز.
وبالرغم من الأعمال المهمة والنجاحات التي يحققها الدفاع المدني السعودي، إلا أن تغطيتها الإعلامية تقصر عن قيمتها الحقيقية، بل أن الإعلام المحلي ومنظومة الإعلام الجديد قد يحتفون بأعمال بسيطة تنفذ في دول الغرب، ويتجاهلون أعمال جليلة تنفذ داخل المملكة.
أحسب أن معالي الفريق سليمان العمرو، مدير عام الدفاع المدني، بدأ في إعادة تشكيل علاقة الجهاز بالمنظومة الإعلامية، والتركيز على الشراكة الإعلامية المحققة للأهداف الوطنية، يؤكد ذلك حضوره وفريق العمل لديوانية كتاب الرأي التي تنظمها الجمعية السعودية لكتاب الرأي والتي تعتبر جسراً مهماً لتواصل المسؤولين مع الكتاب وإطلاعهم على المستجدات، والإجابة على أسئلتهم وبما يحقق المصلحة الوطنية.
لقاء شفاف ومثمر، أجاب فيه الفريق العمرو على جميع الأسئلة دون تحفظ، وبشفافية تؤكد التحول الذي طرأ على الأجهزة الحكومية وعلاقتها بالإعلام والمواطنين. ولعلي أركز على الجانب الاقتصادي المرتبط بالدفاع المدني، وينضوي على شقين، الأول خصخصة بعض خدماته، والثاني دوره في حماية المقدرات الاقتصادية.
من الجميل أن تبدأ الحكومة بخصخصة بعض خدمات الدفاع المدني ومنها الفحص على الممتلكات السكانية والتجارية وإعطاء مسؤوليتها للقطاع الخاص من خلال شركات كفؤة تلتزم بمعايير ومتطلبات الأمن والسلامة وتطبيق التشريعات الرسمية. يحقق هذا التوجه ثلاثة أهداف رئيسة وهي: تفريغ الدفاع المدني للتركيز على مهامه الأساسية، وتفعيل دور القطاع الخاص، وتحقيق كفاءة العمل وسرعة الإنجاز. ولعلي أشير إلى أهمية فرق الإطفاء الخاصة، ودورها في توفير الحماية للمناسبات العامة والتجمعات الوقتية، إضافة إلى تكفل المشروعات الكبرى بإنشاء فرق إطفاء خاصة تسهم في تحقيق شمولية الانتشار وتتحمل جزءًا من مسؤولياتها مقابل مكاسبها الاقتصادية.
دور الدفاع المدني الحيوي في حماية المقدرات الاقتصادية يحتاج إلى تعزيز وقائي من الجهات الحكومية الأخرى وفي مقدمها وزارة الشؤون البلدية والقروية، إضافة إلى اهتمام القطاع الصناعي والتجاري بأهمية تحقيق متطلبات ومعايير السلامة وبما يحد من الكوارث المؤثرة في الاقتصاد، وضرورة اتباع منهجية عالمية في تصميم المصانع والمستودعات والمجمعات وبما يساعد على منع اتساع رقعة الحريق وتحييد مخاطرها. وأقرب مثال على ذلك تصميم السفن العملاقة وفق نماذج حماية تعزل أجزاء السفينة المتضررة عن الأجزاء الأخرى.
أختم بأهمية الشمولية الجغرافية لمراكز الدفاع المدني وربطها بالمعيار الدولي، وعدد الأفراد مقارنة بالسكان، حيث تشير المعايير الدولية إلى وجوب توفير ما يقرب من 3.8 من الأفراد مقابل كل 1000 نسمة من السكان، وهو أمر يستوجب التدقيق فيه لتحقيق الكفاية العددية المحققة للكفاءة التشغيلية.