عبدالعزيز السماري
استمعت لأحد مسؤولي الشركات المنتجة للبتروكيماويات عن سبب انخفاض أرباح الشركات السعودية، ولخص المشكلة في ثلاثة، أحدها انخفاض الأسعار العالمية، وتدني إنتاجية العامل المحلي، والتضخم الإداري غير المبرر، ويهمني من حديثه آخر سببين، لأنهما يختزلان المشكلة في معادلة بيئة العمل المحلية.
فالتضخم الإداري هو أحد وجوه المحسوبية السلبية، ويكاد أن يقتل مختلف درجات الطموح والإنتاج بين العمال، بل كان سببًا لانهيار بعض المؤسسات من الداخل، وهي إشكالية لم يتم دراستها جيدًا، فقد كانت ومازالت السبب الأول لفشل بعض خطط التنمية في البلاد.
عبر السنين رأيت ذلك يحدث، حيث يتم توظيف الأشخاص من أجل التوظيف، وأحيانًا تتم ترقية شخص أقل كفاءة، ويدفع له أكثر، ويعامل معاملة خاصة لأنه مرتبط شخصيًا بالرئيس، والمحسوبية تُعرف بأنها الممارسة بين أصحاب النفوذ أو التأثير على تفضيل الأقارب أو الأصدقاء، وخصوصًا عن طريق منحهم وظائف، وببساطة، يمكن أن تكون المحسوبية شكلاً من أشكال المعاملة الخاصة المتاحة للقلة فقط..
تعتمد الرأسمالية الحديثة على مبدأ أن الثروة والازدهار مستمدان من تشجيع المؤسسة للمواهب والجهد، وليس من أجل المنفعة الخاصة للأفراد، وربما يفسر ذلك تكدس الموظفين والإداريين في المكاتب الخلفية للمدير، بينما تعاني العمالة المنتجة من سوء التقدير المعنوي والمادي.
ما يحدث هو استغلال للنفوذ، ولا توجد إلى اليوم قوانين تحمي الشركات والمؤسسات من استغلال النفوذ، ولذلك من أجل نهضة الاقتصاد الوطني، إِذ لا يمكن أن تكون العائلة أو الأصدقاء مقدمين على مصلحة الشركة، ولهذا السبب من المفترض تجريم المحسوبية، ومنعها من خلال القانون.
يمكن أن يكون للمحسوبية آثار سلبية خطيرة على جو الشركة، إِذ غالبًا ما يعاني الموظفون الذين يتعاملون مع المحسوبية في مكان العمل انخفاضًا شديدًا في الروح المعنوية، وإذا شعر الموظفون بأن أماكن عملهم تعزز عدم المساواة، فمن المحتمل جدًا أن تتأثر إنتاجيتهم ويقل ولاؤهم للشركة.
تشير صحيفة هيوستن كرونيكل إلى أن الموظفين في أجواء الفساد الإداري عادة ما يتفاعلون مع هذا التباين بأحد الطرق التالية، إما أن يقوضوا قدرات العمل والإنتاج، أو يلجأوا إلى الطعن والتخريب، أو يطوروا موقف للهزيمة إن صح التعبير، حيث لن يبذلوا قصارى جهدهم بعدما تأكَّدوا أنها تذهب دون مقابل ودون أن يلاحظها أحد..
باختصار عندما يتعلق الأمر بالنتيجة النهائية، فإن الروح المعنوية للموظف هي انعكاس مباشر للقيادة إِذ يهيئ الرئيس أجواء وثقافة بيئة العمل، فإذا كان جميع الموظفين غير مرتاحين ومستاءين بسبب المحسوبية، فإن الخطأ يقع على عاتق المسؤولين أولاً، وهم من يجب أن يتحمل تبعات محسوبيته في الشركة أو المؤسسة..
من أجل نهضة أكثر إنتاجية للاقتصاد الوطني يجب دراسة هذا الأمر جيدًا، فهو العامل الأول لانخفاض إنتاجية العامل المحلي، والسبب أن الغنائم أو العوائد تذهب إلى خاصة المدير، بينما يعاني العاملون المنتجون قلة العائد، فماذا نتوقع من ردة فعلهم لهذا التمييز؟