محمد سليمان العنقري
ملف البطالة أحد أهم تحديات أي خطة اقتصادية تنموية وكذلك يعد خفض البطالة من أهم أهداف الموازانات للدول عموماً، قبل أيام أعلنت الهيئة العامة للإحصاء أرقام البطالة للربع الثالث من هذا العام والتي سجلت تراجعا لمستوى 12 % منخفضة من 12،3 % في المسح السابق كما أنها سجلت تراجع قياياً بما كانت عليه قبل حوالي العام من مستوى 12،8 % وهي نسب تراجع جيدة مع عودة النمو للقطاع غير النفطي بشكل أساسي منذ العام الماضي بالإضافة لسياسات وزارة العمل بالتركيز على الإحلال بشكل كبير نسبياً من خلال بعض البرامج الخاصة باستهداف بعض القطاعات لزيادة التوطين فيها.
فإحصائية نسب البطالة ومسوحات سوق العمل الأخيرة أعلنت بتوقيت يأتي بعد أيام قليلة من إعلان الموازنة العامة للدولة، والتي تضمنت العديد من برامج الإنفاق التي تدعم توليد فرص العمل من بينها تعزيز الإنفاق الاستهلاكي للفرد باستمرار بدل غلاء المعيشة وأيضاً اعتماد 173 مليار ريال للإنفاق الاستثماري على المشاريع والبرامج التنموية، لكن بكل تأكيد أن ترجمة هذه الأرقام خصوصا بالإنفاق الاستثماري إلى نتائج يمثل تحدياً أمام الجهات الحكومية المعنية والمستفيدة من هذه الاعتمادات فملف البطالة يتطلب علاجه سرعة بتعميد المشاريع وأن يتم الإنفاق وفق الجدول الزمني الذي يخدم معالجة ملف البطالة بسرعة ترسية المناقصات الحكومية حتى تتحرك عجلة توليد الوظائف وتتحقق أهداف الموازنة في أحد أهم ملفاتها الاقتصادية.
فالإحلال لا يمكن له أن يعالج مشكلة البطالة لأنه محدود بعدد معين من الوظائف القائمة ومع دخول 300 ألف طالب عمل سنوياً للسوق فإن قدرة برامج الإحلال تصبح ضئيلة مع الوقت في استيعاب أعداد العاطلين أو الداخلين الجدد للسوق فالإحصاءات السابقة تشير إلى حوالي مليوني وظيفة يمكن للمواطنين شغلها بينما بقية الوظائف فهي لأعمال متدنية الدخل والمتطلبات ولذلك فخلال عشرة أعوام قادمة سيدخل سوق العمل لا يقل عن ثلاثة ملايين طالب عمل ومع العدد الحالي للعاطلين فإنه لابد من توليد 150 إلى 200 ألف وظيفة سنوياً لاستيعاب الأعداد القادمة للسوق ومع ما تضمنته الرؤية من فتح قطاعات اقتصادية جديدة كالصناعات التعدينية والسياحة والترفيه وقطاع الإسكان يمكن في حال تنفيذ المبادرات الخاصة بهذه البرامج التنشيطية للقطاعات الجديدة أن يتم توليد عدد كبير من الوظائف وهو ما يعني أن التحدي يكمن في دقة التنفيذ من قبل كل جهة معنية بالقطاعات المذكورة وكذلك مراعاة العامل الزمني بتقليص البيروقراطية والاستفادة من الأتمتة والتطور التقني الكبير الذي يساعد على إنجاز الأعمال بوقت قصير.
توليد الوظائف عمل تقوم به جهات حكومية عديدة معنية بالشأن الاقتصادي والخدمي بينما دور وزارة العمل أساساً يتركز بتنظيم سوق العمل، فملف البطالة معالجته بكل تأكيد ليست على مدى زمني واحد بل هناك معالجات بفترة قصيرة وهناك معالجات بعيدة الأمد ولذلك فإن المعالجات على المدى القصير تبدو الآن الأكثر أهمية من خلال ترجمة أهداف الموازنة لواقع ينعكس بنمو قطاع الأعمال وتوليد الوظائف وتوسيع حجم الاقتصاد بزيادة وتيرة نمو القطاعات القائمة والجديدة بما يستوعب العاطلين وطالبي العمل من المواطنين وكذلك من يبحثون عن فرص لتأسيس مشاريع متناهية الصغر وأكبر منها حتى تكون عملية توليد الوظائف تأتي من مسارات متعددة.