سمر المقرن
بأي ذنب تُلقى المرأة في جحيم «العضل»...؟ وهو منع الأب أو من ينوب عنه كالعم والأخ والخال الفتاة أو المرأة من أن تتزوج بمن ترغب مع انعدام الأسباب المنطقية لذلك! ولسنوات طويلة غرقت الكثيرات ضحايا العضل لأي حجج واهية، فيرفض أولياء الأمور العرسان لتظل الفتاة قائمة على خدمتهم أو الصرف عليهم في أغلب الأحوال؟ أو أن العريس لا يناسبهم وهكذا من الأسباب اللا منطقية! فتعيش بعض الفتيات والنساء المعضولات معاناة وعذابات، حتى لو لجأن إلى العضل فيصطلين بنار الجحيم بين أروقة المحاكم لسنوات طويلة حتى يتم الفصل في الدعوى. كل ما سبق فطِن إليه المجلس الأعلى للقضاء -مشكورا- فحدد قواعد لتنظيم آلية نظر دعاوى العضل، بحيث يتم الفصل فيها خلال 30 يوما فقط، مع إمكانية النظر في تزويج المعضولة فورا، والنظر في الدعاوى خارج وقت الدوام، واختيار من تراه مناسبا لتولي عقد النكاح. وهكذا امتدت يد القضاء لغرقى العضل لتنقذهن من محيط العضل الذي يضع المرأة بين نارين فلا هي قادرة على جحيم الحرمان من الارتباط بالرجل الذي اختارته، ولا قادرة على رفع قضية ضد أولياء الأمور حتى لا تُتهم بالعقوق، فأحيانا تستلم لمصيرها المظلم بدعوى النصيب!
كما أن وزارة العدل كشفت مؤخرا أن إجمالي عدد قضايا العضل الواردة للمحاكم خلال الـ 5 الأشهر الأولى لعام 1440هـ (321) قضية. فيما بلغ إجمالي القضايا الواردة لعام 1439هـ (738) قضية، وتصدرت مكة المكرمة بـ 288 قضية، تلتها الرياض 159، ثم الشرقية 101، المدينة المنورة 50، عسير 33، القصيم 29، جازان 29، تبوك 17، حائل 12، الحدود الشمالية 7، الجوف 5، نجران 4، الباحة 4. وقبل رفع دعوى العضل يتم الاستعانة بآخرين للحديث مع الولي بالحسنى، لا سيما أن الدعوى قد تؤدي للتشاحن والبغضاء بين أفراد العائلة الواحدة أو قطيعة أبدية. وتمر مراحل الدعوى بعرضها على المدعي عليه فإن اعترف يخوّف الولي بالله ويؤمر بتزويج المعضولة ويحكم عليه بذلك، وإن ذكرت المدعية مثلا رجلا كفء وعينته وتقدم لخطبتها ولم يذكر ولي الأمر سببا مقنعا لعدم قبوله زوجا يعتبر «عاضلا» وتنتقل الولاية إلى (القاضي) فيحكم بثبوت عضل الأولياء بعد أخذ جوابهم على ذلك ويزوجها من الكفء.
في الحقيقة، ما زلت أستغرب أنه في هذا الزمن هناك من يُمارس مثل هذه السلوكيات، فالرجل «الفاضل» الذي فيه من صفات النبل والرقي هو من يبحث لابنته عمن يناسبها ويفرح لفرحها ويحزن لحزنها، لكنه مع بالغ الأسف، هناك نفوس مريضة لا علاج لها إلا بحد القانون!