صبحي شبانة
ثلاثة عقود تفصل بين وفاة الجد ومولد الحفيد الذي رأى النور في 31 أغسطس 1985، كل منهما قاد ثورة غيرت المجتمع، وأثرت العالم، المؤكد أن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان لم ير ويعاصر جده المؤسس الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود، الذي وحد القبائل وجمع الأفئدة وصنع دولة هي حاضرة بلا شك في قمرة قيادة المنطقة والعالم طيلة السبعة عقود الماضية، العديد من القواسم المشتركة تجمع بين الجد والحفيد، رغم تباعد واختلاف الزمانين، فالأمير الشاب يقود اليوم ثورة حقيقية لتأصيل هوية مملكة الإنسانية التي رسخها جده الملك المؤسس والتي تقوم على التفاعل الحضاري مع العالم دون الانسلاخ عن هويتها العربية والإسلامية السمحة بعد أن حاولت تشويهها جماعات التطرف والإرهاب التي نشأت على هوامش المجتمعات الإسلامية ووجدت مناخات مواتية في ظل تعاطي بعض الأنظمة العربية معها واحتضانها لاستخدامها بل وامتطائها كلما لزم الأمر.
العصر السعودي الحالي في ظل عهد الملك سلمان وولي عهده الأمير محمد بن سلمان صاحب الـ 35 عامًا يتسم بالقوة والمناعة والصرامة ووضوح الرؤى والأهداف التي رسمتها رؤية المملكة 2030، التي أنتجت صورة مغايرة لما رسخ في الذهنية الغربية المتربصة التي تسعى للزج وإلصاق التهم بالمملكة التي لم تشهد حادثًا إرهابيًا واحدًا منذ تولى الأمير محمد بن سلمان زمام الأمور في المملكة التي أضحت أكثر دول العالم أمنًا وأمانًا، وهو ما يشير بكل وضوح إلى إن فجرًا جديدًا بزغ في المملكة التي انفتحت على العالم كل العالم بتفعيل الطاقات الكامنة لدى الشباب السعودي التي استثمرت فيهم المملكة مئات المليارات، وابتعثت منهم مئات الألوف إلى جامعات العالم المتقدم ليعودوا بعد ذلك إلى وطنهم ليساهموا في عصر النهضة الذي تعيشه المملكة منذ بدايات عام 2015.
ولي العهد السعودي اعتمد في رؤيته المملكة 2030 على الشباب الذي يمكن للسعودية إذا شاءت أن تباهي بهم العالم، أدرك ولي العهد أن هؤلاء الشباب الذين تعلموا ودرسوا في الغرب وتعاطوا مع قيمه وحضاراته يحتاجون إلى مناخات جديدة تستنهض وتعظم طاقاتهم وتوظفها في بناء الدولة الحديثة التي تجدد شبابها من دواخلها والتي رسم ملامحها ولي العهد في مخيلته منذ صباه وتمناها لأبناء جيله ووطنه.
في ظل كل المعطيات التي تعيشها المملكة وهي كثيرة لا تحصى، جاء الفن بمفهومه الواسع والراقي في مقدمة الوسائل والأدوات التي تعكس الصورة الحضارية للشعب السعودي الذي ظل لسنوات يعلي ويعلن تبرؤه من الاتهامات والتشوهات التي كان يصر بعض الغرب على إلصاقها به لكن دون جدوى، نجح الفن بالفعل في عكس أنماط حياة المجتمع وحضارته، أسهمت قوافل الفرق الفنية، والرياضية الفنية كالمصارعة التي استقطبها رئيس الهيئة العامة للترفيه المستشار تركي آل الشيخ (الذي ينتمي إلى الجناح الديني الذي اعتمدت عليه المملكة منذ تأسيسها الأول في ترسيخ مفاهيم الدين الصحيح على يد جده الإمام محمد بن عبد الوهاب الذي يعد أحد رواد الإصلاح الديني، ومجدد نبع الإسلام الصافي) في رسم الصورة الحقيقية لما يجري على أرض المملكة من تطور هائل في المجتمع السعودي عبر أسلمة وأنسنة الفن، وهو ما ظهر جليًا في فرقة المصارعة النسائية المحتشمة التي استضافتها العاصمة الرياض بعد أن تحولت إلى أكبر مسرح عالمي في التاريخ يقدم كل الفنون الراقية دون مخالفات شرعية تتصادم مع قيم المجتمع وهويته الإسلامية.
الحقيقة المجردة أن من يعش على أرض المملكة أو يزرها يلمس تطورًا ملحوظًا فارقًا في مختلف المجالات بدءًا من البنى التحتية الصلبة والذكية إلى القوانين والأنظمة التي ضبطت حياة الناس والمجتمع بمواطنيه ومقيميه لا فرق.