عبده الأسمري
الثقافة كيان أصيل ونبيل يجمع في داخله أدوات «الحضارة» ويستجمع في مفهومه معطيات «الأدب» فيكتمل «الرقي» بدراً في حضرة «النتائج».. وتتشكَّل فيه كل غنائم «الارتقاء» وجميع مغانم «النقاء» في دائرة «الاحتفاء» بهذا المفهوم الجميل الذي شيدت به «صروح» التقدم وأقيمت فيه «مطامح» التحضّر.
الثقافة اسم جامع لكل «معنى» علمي ولكل «اتجاه» معرفي يوظّف التخصص في أبعاد «التحليل» ويكرِّس «الخصائص» في اتجاهات «البحث» ليكون عنواناً بارزاً لكل تفاصيل «الابتكار» ووجهاً محرزاً لكل معاني «الاعتبار»..
تتجلَّى «الثقافة» في تعاملاتنا ابتداءً من أول مواجهة مع «طلب العلم» على المقعد الدراسي الأول فتعيش في ذاكرتنا «اللحظة الأولى» وتنمو في وجداننا لحظات الترابط المتعاقبة منذ الولادة الأولى للتعايش مع المتغيِّرات والتي يبدأ فيها الإنسان تلميذاً «خاضعاً» لتوجيهات المعلّم وتلقينات الدروس وتعليمات الأسرة وأنظمة المدرسة فتبدأ معالم «الاحتياط» وتتشكَّل «قيم» التعامل مع المحيط حتى تبدأ «الثقافة» كعنصر أول في إدارة السلوك وفي توجيه ردود الأفعال لتكون ثقافتنا «الابتدائية» خط الدفاع الأول ضد التأثيرات وعنصر التخطيط الأمثل نحو المؤثرات.. فمنها نتعلّم وبها نكافح وننجح ولأجلها نتفوّق استناداً إلى ما زرعته فينا مناهج التعليم ومنهجيات الأسر وفرضيات العيش وافتراضات التعايش.
نكبر ويكبر فينا «حب الاعتماد» وتكبر معنا «حظوة الوجود» وسط «مؤشرات» و»تحديات» تبقى في «حيز» الظروف التي تنسج خيوط «اللعب مع الحياة» في ميدان مكتظ بالعوائق الحاضرة مرتبط بالطرائق المنتظرة فتأتي «الثقافة» كوسيلة نجاة وحيلة انتصار وغاية فوز في نتاج تتشربه الأنفس من تجارب الواقع ومآرب الذات فتتشكّل «الهوية الثقافية» لدينا في «هيئة» هوايات أولى ومواهب مكتشفة ومهارات مسخَّرة لصناعة «القيمة النفسية» في مراحل عمر وفروق أنفس ترتبط بالموروث «الاجتماعي» وتترابط مع «الإرث المجتمعي» في سبل متعدِّدة لتحديد الهيئة «الفردية» لكل إنسان.
تتباين «الهوايات البشرية» المرتبطة بالثقافة، فهنالك من ينتهي من واجباته الدراسية وينصت لبرامج تعليمية وثقافية ومعرفية تستعمر وجدانه ويتكامل معاها «ذهنياً» ويتروحن مع تفاصيلها وهنالك من يستعير الكتب بحثاً عن «نهم» غريب بالقراءة غير محدد المصدر وآخر يعشق الأقلام والورق فيقضي وقته بين الكتابة بكل فنونها راسماً أولى خطوات الأدب. فيما أن هنالك من يسير في اتجاه آخر ليغط في «سبات» الرتابة والنوم والراحة والترفيه ومشاهده التلفاز للضحك أو من يقضي وقته في «الهرج» المستعار من هوامش «الفراغ «لتتكون اتجاهات مختلفة ومتباينة ومتعاكسة لتكون الثقافة في هذه الحالة بين اتجاهين متضادين من التشرّب والتسرّب.
تمضي السنون فيظل العديد من البشر باحثين عن «الوظيفة» لاهثين خلف «المال» ساعين وراء الروتين الشخصي ماكثين في «التبلّد المعرفي» فيما يركض الآخرون وراء «ألوية» الثقافة مهرولين إلى «ساحات البحوث» مناضلين في «مجاميع النقاش» مكافحين أمام «تخلف الرأي» منافحين ضد «رجعية الفكر «ماضين إلى «منصات التأليف» مساهمين في «ريادة الأفكار».
في حضور «الثقافة» تتشكَّل سلوكيات «التفكير» و»التدبير» في إطارات مدروسة من احترام الآخرين وتقدير الغير وسط تنمية فكرية مستدامة للعقل وتغذية دائمة للروح في مشارب «مليئة» بالتجديد والتطوير وممتلئة بالمعارف والمشارف المفتوحة على شتى العلوم ليبدأ الإبحار في عوالم القراءة بكل أصنافها وتكريس الأوقات في إشباع النفس وإمتاع الروح بالكتابة والتوغل في العلم وتسخير الأمنيات في خدمة «دوافع «المشاركة والنفع والإضافة في كل واجهات الإفادة والإجادة.
الثقافة «حصيلة» التعلّم و»غنيمة» التعليم متى ما تكاملت مع التنوير والتغيير ورسم خرائط «التأثير» وكتابة فصول «الأثر» في سيرة «الذات» ومسيرة «النفس» بوضع بصمات «جلية» في سجلات «الذكر» وصنع «ومضات» متجلية» في مساجلات «الفكر» بلغة «النتائج» وبواقع «الحصاد الأدبي» و» السداد المعرفي» و»المداد العلمي».