د. أحمد الفراج
مع المد اليميني المتطرف في أمريكا، يحسن الحديث عن الجذور التاريخية لذلك، فأمريكا تأسست على يد المهاجرين البيض، الذين جلبوا الرقيق من إفريقيا، وعندما تم تحرير الأرقاء، لم يرق ذلك للبيض، وبالتالي تأسست منظمة الكلو كلس كلان، والتي تعتبر واحدة من أخطر المنظمات العنصرية عبر التاريخ، وهي منظمة أسسها ستة شباب من جنود قوات دولة «الولايات المتحدة الكونفيدرالية»، وذلك في مدينة بولاسكي، في ولاية تينيسي، وهذه الدولة التي لم تعمر طويلاً، في الجنوب الأمريكي، كانت قد انفصلت عن الولايات المتحدة الأمريكية، وأعلنت استقلالها، وصنعت علماً خاصاً بها، وقد تأسست كردّة فعل على قرار الرئيس، ابراهام لينكولن (1860 - 1865)، وذلك عندما قرَّر إلغاء الرق، وتحرير جميع الأرقاء، وكان الرق شائعاً في الجنوب الأمريكي الزراعي، ويعتمد الإقطاعيون هناك عليه في الزراعة، وقد قامت بسبب هذا الانفصال حرب شعواء، وطويلة، بين الشمال (الولايات المتحدة الأمريكية)، والجنوب (الولايات المتحدة الكونفيدرالية)، ومات من جرائها مئات الآلاف من الأمريكيين! وانتصرت فيها قوات الشمال، بقيادة لينكولن، الذي أعاد توحيد الولايات المتحدة الأمريكية!
بعد أن هزمت قوات الرئيس لينكولن جيش الولايات المتحدة الكونفيدرالية، نتج عن ذلك غضب عظيم من قبل الإقطاعيين في الجنوب، وزادت حدة كرههم للرقيق، فتأسست منظمة الكلو كلس كلان، وكان هدفها هو إرهاب الإنسان الأسود، وكل من يتعاطف معه من البيض، وقد ارتكبت هذه المنظمة من الجرائم ما يعجز الإنسان عن وصفه، فقد كانت تهاجم المدارس، والكنائس الخاصة بالسود، وتهاجم النشطاء، وتقتل بأبشع الطرق، ولا تفرق بين رجل، وامرأة، وطفل، ومع أنها تأسست في مدينة صغيرة، في عمق الجنوب الأمريكي، إلاّ أنها سرعان ما تمددت، خلال طورها الثاني، في طول الولايات المتحدة الأمريكية، وعرضها، إذ بلغ تعداد المنتمين لها في عام 1920 أكثر من ستة ملايين عضو فاعل! وكان من ضمن أعضائها محامين، وأطباء، ورجال شرطة، ورجال أعمال، وحتى أعضاء في الكونجرس! ويُقال إنّ أحد رؤساء أمريكا خلال عشرينات القرن الفائت كان عضواً فاعلاً فيها!
كان الطور الثالث لهذه المنظمة العنصرية خلال الخمسينات، والستينات من القرن المنصرم، وذلك كردّة فعل على إقرار قانون الحقوق المدنية في ستينات القرن الفائت، على يد الرئيس ليندن جانسون (1963- 1968)، ثم خفت المد العنصري مع مطلع سبعينات القرن الماضي، إلى أن فاز باراك أوباما بالرئاسة، فبدأت بوادر عنصرية الماضي تعود من جديد، وزادت وتيرتها مع فوز الرئيس ترمب، فهل يا ترى تشهد أمريكا عودة قوية لمنظمة الكلو كلس كلان؟!.. نتمنى أن لا يحدث ذلك؟!