أحمد المغلوث
عندما كنا فتية.. ولم تخط بعد شوارب بعضنا. كنا نعشق «القراءة» حتى الوله، وبالتالي كنا نتبادل الكتب والمجلات والصحف التي كانت أيامها شحيحة، ومن أجل ذلك يسافر البعض منا لمدن بعيدة في سبيل الحصول عليها. في ذلك الزمن. عرفنا بعدها مقولات ومفاهيم ومعاني لكلمات كانت غريبة، بل وعجيبة عندما نسبر غورها لاكتشاف ماذا تعنيه وما تهدف إليه ومنها كلمة «الرؤية» والتي كانت تعني التطلع لأهداف بعيدة قد تتحقق أو رؤيا حلمية.. تحمل ضمن ما تحمل طموحات وتطلعات مشروعة ومتفائلة.. وكنا أيامها نفهم «الرؤية» بصورة مختلفة جداً عن معناها الشائع الآن، كرؤية 2030 رؤيتنا كفتية كانت محدودة المساحة والأفق والتصورات. وكنا نأمل فيها أن نكمل دراستنا الابتدائية وأن نسعى حثيثاً للعمل في شركة أرامكو. بحكم كونها في منطقتنا وأن العمل فيها لو تحقق سوف يضمن لنا حياة فيها الكثير من الرفاهية وحتى المال وذلك من خلال ما كنا نشاهده لدى بعض الأقارب والمعارف الذين التحقوا بالعمل في هذه الشركة العملاقة.. نعم كنا نشعر بأن الذي يعمل في هذه الشركة موظفاً مختلفاً ويتمتع بمزايا يغبط عليها.. فهو ينام في سكن مكيّف.. ويتناول طعامه على «الميز» ويتردّد على السينما والتي كانت فريدة وفي حي سكنه مكتبة عامرة بالكتب العربية والأجنبية يستطيع أن يتردّد عليها وقت فراغه وبإمكانه الاستعارة منها، واليوم ونحن نسير بخطى حثيثة في طريق ما بعد منتصف العمر وأكثر. رحنا نتابع بحب وشوق ما كان يتحدث عنه ولي عهدنا الشاب صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان الذي أبدع برامج وخطط «رؤية 2030» كان ذلك من ثلاث سنوات عندما أعلن -حفظه الله- إتاحة جزء من ملكية شركة أرامكو السعودية للجمهور، وراح البعض يشكك في فكرة بيع جزء من أسهمها وأن هذه الخطوة سوف تتعثّر ولن تنجح.. وتمضي الأيام وها هي أسهم الشركة العملاقة تحلِّق عالياً. والرؤية الحلم باتت واقعاً ملموساً ومعيشاً، بل هناك من باع أسهمه في نفس اليوم الذي بدأ فيه التداول ليحصد العشرات من الملايين.. بل ليفتح العالم فمه واسعاً ومندهشاً ومذهولاً من هذا النجاح المنقطع النظير.. فالعالم كان يترقب بلهفة هذا اليوم وهو غير مصدق لنجاح «رؤية» أميرنا المحبوب محمد بن سلمان.. بل وبهذا النجاح «التسونامي» الذي جعل من أسهم الشركة في مقدِّمة أسهم الشركات العالمية من بداية تداولها في أسواق بورصات العالم.. وماذا بعد..؟ أكتب هذه ازاوية وما زال رجال الاقتصاد في العالم وعشاق «البورصة» في الأسواق العالمية يعيشون لحظات هذا النجاح المذهل لرؤيته.. وحصافته وحدسه الحاد. وتفكيره الذي ألجم مختلف الألسن التي كانت تكتب وتقول وتقول: إن نجاح بيع جزء من أسهم أرامكو سوف تكون له سلبياته المختلفة، وها هو العكس بات صحيحاً.. وزاد من صحته وواقعيته كون الأسواق العالمية «شفافة» وواضحة كالمرآة المصقولة، وبات نجاح الاكتتاب والإقبال الكبير الكبير على أسهما ومن ثم الإقبال العظيم عليها في أول يوم تداول وحتى اليوم.. لتسير قافلة النجاج، وليستمر العالم في دهشته وذهوله.. وليصفق العالم كل العالم لولي عهدنا لرؤيته التي تحققت. اللهم لك الحمد والمنة..!