أ.د.عثمان بن صالح العامر
أبرز اتهام وُجِّه للغة العربية عبر تاريخها الطويل هو: عجزها عن مواكبة التطور البشري الصناعي منه والتقني والفكري والعلمي والاقتصادي والسياسي، وعدم صلاحيتها لمجاراة الخطاب العالمي المعاصر الذي ينطق ويكتب باللغات الحيَّة الأخرى المعروفة خاصة الإنجليزية - اللغة الدولية الأولى بامتياز -، ولذا كثيراً ما طرح المستشرقون ومن دار في فلكهم العامية - المحكية، باعتبارها البديل الأنسب للكتابة الثقافية والتواصل المجتمعي مع جعل اللغة الإنجليزية وأحياناً الفرنسية لغة رسمية في المحاضن والمراكز والمنتديات التعليمية، والاجتماعات واللقاءات والمؤتمرات الدولية، بل وأحياناً في المخاطبات الرسمية والدوائر الحكومية، وعلى هذا فاللغة العربية كانت وما زالت في تحد حقيقي خاصة:
- مع التسارع المهول في التقدم العلمي الطبي والهندسي والصناعي والتقني الذي قفز قفزات خيالية في عصر العولمة الذي نحياه.
- وكذا عجز الترجمة للعربية الوفاء بمتطلبات المرحلة.
- فضلاً عن تخلف العقل العربي وعدم مقدرته السبق الحضاري الذي ينعكس بدوره سلباً أو إيجاباً على لغتنا العربية.
الاحتفاء غداً الأربعاء 18 ديسمبر 2019 باليوم العالمي للغة العربية والذي يأتي هذا العام تحت عنوان (اللغة العربية والذكاء الاصطناعي) قد يكون في نظر البعض ممن ليس لديهم تبحر في العربية، ويتغنون بالاتهام الوارد أعلاه جمع بين المتناقضين، ولكن المتابع والراصد والعارف بهذين التخصصين يعلم علم اليقين أن هناك جهوداً حثيثة، وأعمالاً متميزة، وإنجازات نوعية في طول الوطن العربي وعرضه تجمع بين هذا وذاك جعلت اليونسكو تختار هذا العنوان المركب للاحتفاء بيوم اللغة العربية العالمي هذا العام.
إن واجب كل عربي خاصة النخب الثقافية والاجتماعية، وصنَّاع القرار السياسي والاقتصادي، وأهل الرأي، وأصحاب الحضور العالمي العلمي والإعلامي:
- الثقة أولاً بمكانة ومقدرة وجزالة لغتنا العربية.
- ثم الحرص على التحدث بها في المحافل الدولية.
- والتسويق لها بشكل علمي ممنهج ومدروس.
- واستغلال مثل هذه المناسبات العالمية للتحدث عنها في بلدان العالم أجمع.
- كما أن على المترجمين العرب والمراكز المتخصصة النشاط في ترجمة الجديد خاصة في المجال العلمي الدقيق.
- وفِي ذات الوقت على محاضننا التعليمية عدم الاستسلام واليأس من إدخال العربية لغة للعلم والمعرفة في مراحل التعليم العالي الجامعي والدراسات العليا، وإن كان ذلك يحتاج لوقت، ويتطلب جهداً عربياً موحّداً فهو مرتبط بشكل مباشر بتقدمنا العربي العلمي والعملي كما هو معروف، ولكنها رحلة الألف ميل التي تبدأ بخطوة وتتبعها -بإذن الله - خطوات متسارعة وقوية. ودمت عزيزاً يا وطني، ودامت لغة العربية حية فعَّالة محفوظة بحفظ الله عزَّ وجلَّ لكتابه الكريم ثم بجهود وإنجازات أبنائها وتقدم وتطور ونهضة بلادها. وإلى لقاء والسلام.