د. خيرية السقاف
«كنغر مفتول» العضلات يستبيح سلام البلدة الأسترالية وهي في انسياب هدوئها..
عجوز تصرخ وقد هاجمها،
وسكان يستغيثون وقد أقلقهم..
مزَّق رقاباً، وأطاح بمشاة، ومضى يبحث عن زاد....
الكنغر بطبعه حيوان مسالم، ما لم يُحرَّض، فتُستفزُّ قواه..
لا يهجم إلا للدفاع عن نفسه من إنسان جائر، أو جوع سافر..
ترى كم مسالماً من الحيوات دابَّا، وطائرا، وسابحاً، وراجلا من البشر تستلهم عضلاتهم سطوة جوع، وشغف عطش، وجرح اعتداء؟..
ولأن الطبيعة في تكوينها الإلهي تمنح بتلقائية التكوين، ومضي السيرورة، فإن الإنسان ذو العقل، والنيَّة هو من يحرض سواكن الدفاعات الذاتية فيها، حين يدك الأرض لا يعبأ بسكانها، وتكوينها، وحين يسبح في بحر منافعه، ويغرق في أعماق مزايداته على الحياة، بقاء مرفهاً، وتحصيلاً باذخا..
حتى البراكين تنفجر بفعل اعتداء الإنسان، بسطوة قوته على انسيابية تكوين منازلها الطبيعي، وكل الذي فوق الأرض من كائنات؛ الحجر والجبل، والثرى والفضاء!..
حتى الغلاف الجوي سطا عليه الإنسان فاستفز ثقوبه!!..
حتى الشجر خالطها، واستعر،
غير أن الضحية عادة ما تكون بريئة..
وهو ناموس الجزاء والعقاب في الحكمة..
لمآل الثواب في النتيجة..
تماماً كما فعل «الكنغر الأسترالي» بعجوز مستنجدة، وبضحايا كانوا منعَّمين في سلام شبعهم، وروائهم...
فمن يفهم حاجته؟
ومن يجيبه عنها؟!..
* * *
وفي طرق الحياة، ومنعطفات الواقع هناك «كناغر» بشرية جائعة، عطِشة، في التيه، لكنها ليست مفتولة العضلات!..