عمر إبراهيم الرشيد
حدثان أثلجا صدور أبناء العربية الأوفياء لها والمعتزين بها هذا الأسبوع وعلى مقربة من اليوم العالمي للغة العربية (18ديسمبر الجاري)، الأول اتفاقية إدارة دوري المحترفين لكرة القدم مع الجامعة الإلكترونية لتقديم دورات في اللغة العربية لغير الناطقين بها، من لاعبين ومدربين وفنيين أجانب. والثاني تكريم الفائزين بمسابقة الخط العربي من قبل أمير منطقة مكة المكرمة. أما المبادرة الأولى فروعتها تكمن في التفات قطاع الرياضة وكرة القدم تحديداً إلى اللغة العربية، هويتنا وفكرنا الحضاري عبر العصور، وتشجيع اللاعبين والمدربين الأجانب لتعلّم مبادئها. وربما ينظر البعض إلى هذه المسألة على أنها غير ذات جدوى، لكنها اللغة، ولننظر إلى تهافت الجهات التعليمية في دول عديدة على إدخال اللغة الصينية في المناهج التعليمية، والسبب مكانة الصين الاقتصادية والسياسية المتعاظمة دولياً عاماً بعد عام. إنما ينبغي الانتباه إلى أن اللغة العربية أصبحت كذلك مطلوبة من قبل الملايين عبر العالم، بالنظر لكون منطقة الشرق الأوسط والخليج قبلة أنظار العالم وهي تمور بالأحداث السياسية ولكونها محرك العالم الاقتصادي. وروعة هذه المبادرة أيضاً في أن هؤلاء الأجانب المقيمين بيننا سوف يعودون لأوطانهم وقد حملوا معهم مكتسبات معنوية تخص حضارتنا ولغتنا، وهذا أمر يحسب لنا ولوطننا حتى يعرفوا أننا لسنا صحراء ونفطاً فقط. ومسألة أخرى مهمة كذلك، وهي أن هذه المبادرة تلفت أنظار شبابنا وتذكِّرهم بلغتهم الأم، وأن هذا العقوق من بعضهم لها ينبغي أن يتراجع حتى يكون نادراً، بل حتى الكثيرين من الكبار من إعلاميين ومثقفين ووجوه مجتمع. أما المبادرة الثانية، وهي الاحتفاء بالخط العربي وفنانيه، فهي رسالة غاية في الجمال والفخامة، بأن لغتنا ما زالت بخير رغم محاولات تشويهها وإهمالها. الخط العربي الذي عاد كمادة في مناهجنا ولله الحمد، بعد أن أفسدت الأجهزة اللوحية والهواتف الذكية مرونة أصابع أبنائنا وطواعيتها للكتابة اليدوية والخط العربي. هذه المبادرة العظيمة وهي تكريم الخطاطين بالجوائز المادية والشهادات، روعتها أيضاً أنها تمت بالتعاون بين القطاعين العام والخاص، ورعتها أيقونة الاقتصاد الوطني والدولي أرامكو، فما أجمل وأرقى الاحتفاء بالفكر والثقافة إذا أتى من قطاع المال والاقتصاد والرياضة! يبقى الأمل أن تكون المملكة مقصداً لغير الناطقين بالعربية ممن يتلهفون لتعلّمهابإنشاء معاهد أكثر من الموجود حالياً، لتضاف لقوتنا الناعمة السياسية والاقتصادية، دمتم في رعاية الله.