د. حمزة السالم
الإنتاجية تكون في الإنسان وتكون في الأموال، والحديث في هذا المقال عن الإنتاجية في الأموال من سلع وخدمات. وهذه تنقسم عندي لأربعة أشكال. المقصود من تصنيفها، تقريب تصور الأموال عند النظر والتأمل في إلحاق بعضها ببعض، عند التخطيط الاقتصادي لتنظيمات السوق من ضريبة وإعانة، وعند تحكيمها قضائياً.
الشكل الأول: أن تكون إنتاجية المال مما ينمو بزيادة المال نفسه بنفسه حجماً أو عدداً، دون تدخل الإنسان كالأنعام والخيل والحمير والفيلة والنعام ونحوها، والحمام والدجاج والزراف ونحوها.
الشكل الثاني: نمو بتنمية الإنسان وتكون بزيادة مال مُختلف في شكله عن المال المُنمى، إما نوعاً أو جودةً أو خدمة أو كمّاً. كالمستغلات عموماً وهي كالمصانع وشركات الخدمات من صيانة واستشارات، ومزارع الأسماك واللؤلؤ والدجاج والألبان والمزارع بأنواعها.
ويلاحظ أن أصل المال هنا هو المُنمّى بالصناعة الإنتاجية أو الخدمية أو التعدينية، أو المالية أو الحيوانية أو الزراعية، وأن نتاجه سيكون مالاً مختلفاً عن أصله. كسيارات تتولّد عن مصانع، ولحوم عن مزارع دجاج وسمك. فهذه المزارع، كالمصانع لا تنمو وحدها، بل هي قابلة للنماء كالمصانع. فالجهد الإنساني ركن أساسي فيها، وهذا فارق جوهري، لمن أراد أن يتأمل. فالاقتصاد يدور حول الإنسان وإنتاجه واستهلاكه.
الشكل الثالث: نمو حقيقي في القيمة دون أي زيادة لكمية أو لنوعية. وهذا خاص بالتجارة الإيجابية. فالتجارة الإيجابية هي كموردي السلع ومستورديها والوكلاء وتجار الجملة والتجزئة، وشركات الدعاية والإعلام، ونحوها مما يوصل السلعة أو العلم بها للمستهلك.
فتوصيل البضائع والخدمات من مصادرها وتوزيعها، ونشر العلم بها هو من أهم العوامل المؤثرة على الإنتاجية بزيادة الطلب الحقيقي. والطلب هو دافع الإنتاج. وتوصيل السلع والخدمات المنتجة يزيد الطلب مما يحفز المُنتج على رفع الإنتاجية الكمية والنوعية. وتطوير الأراضي مثلاً، هو من التجارة الإيجابية لأنه توصيل لها للمستهلك. وأما المضاربة فيها أو تجميدها ومنعها من الناس، فهو من التجارة السلبية وستأتي في الشكل الرابع.
الشكل الرابع: هو كل ما تشمله التجارة السلبية من المضاربات بالسلع وتدويرها. وحدها الضابط الذي يفرقها عن التجارة الإيجابية هو أنها لا تضيف أي قيمة للإنتاج، وغالباً ما تتسبب في ارتفاع الأسعار غالباً دون إضافة أي قيمة حقيقية للسوق. فالتجارة السلبية تشمل كل عمليات البيع والشراء لسلعة لا يؤدي بيعها وشراؤها لزيادة الإنتاج، ولا لتوصيل مكاني أو معلوماتي، بل هي فقط قد تؤدي لزيادة الأسعار. كمضاربة الأسهم والسلع. لأن كل من اشترى السلعة يريد بيعها بربح. وهذا ليس زيادة في قيمتها الحقيقية، بل زيادة في أسعارها الاسمية. والزيادة في الأسعار هي التضخم، بينما الزيادة في القيمة هي النمو والتطور للسلعة.