فهد بن جليد
كل جهد إنساني أو تنظيمي يتم لتعزيز محاربة الفساد هو جهد إيجابي وإصلاحي يستحق الوقوف خلفه ومساندته وإنجاحه في مُختلف المجتمعات، فكيف يمكننا الحديث مع صدور أوامر ملكية مهمة لها قيمتها ومكانتها الكبرى بالموافقة على الترتيبات التنظيمية والهيكلية لمكافحة الفساد المالي والإداري، وعلى بعد أيام قليلة من صدور الميزانية العامة للدولة في تأكيد على أن المملكة لن تتراخى مع الفاسدين أي كانت مناصبهم أو مواقعهم، ممَّن يُحاولون اختلاس المال العام أو التنفع من المنصب والوظيفة، امتدادًا للخطوات والتدابير السابقة التي وجه بها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وأشرف على تنفيذها سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، لمُكافحة الفساد ومُحاربته التي أبهرت العالم بصرامتها وجديتها وأسلوبها وفاعليتها ونتائجها التي تحققت بكل سلاسة ونجاح، وجعلت المملكة مضرب مثل لمواجهة الفساد والقضاء عليه في محيطها ووسطها الإقليمي والدولي.
نحن اليوم أمام منعطف تاريخي لمُكافحة الفساد في بلادنا بخطوات دمج بالغة الأهمية، تم بموجبها منح (آلة مكافحة الفساد) الصلاحية والقوة والمرونة والحرية اللازمة، لتزيد من فاعليتها وتوِّحد جهودها، في الوقوف بصلابة في وجه الفاسدين لملاحقتهم والكشف عنهم، وتعلي مكانة المساءلة القانونية، بمنح رئيس الهيئة صلاحيات أوسع تصل إلى المطالبة بفصل المسؤول أو الموظف الذي يثبت تورطه في قضايا فساد، إضافة لخطوة عملية لها أهميتها بإمكانية استجواب من تظهر عليه علامات ثراء لا تتناسب مع دخله، وأنَّ عبء الإثبات يقع على المشتبه به، فكل خطوات الإصلاح والدمج السعودية الأخيرة تعني زيادة الشفافية والنزاهة في المجتمع، وهي خطوات مُتقدمة تبقي بلادنا دائمًا في الطليعة لمُواجهة الفساد بأنواعه وأشكاله حتى ننعم جميعًا بالخير والنماء.
دمج مكافحة الفساد الإداري والمالي بذراع واحد هو تأكيد على جدية المملكة في القضاء على الفساد بكل أنواعه وأشكاله، ولا سيما أنَّ المُختصين ينظرون دائمًا إلى الفساد الإداري كبوابة للفساد المالي، فتوحيد الجهود تحت مظلة واحدة جعل هيئة الرقابة ومكافحة الفساد الجديدة أكثر شبابًا بتسلحها بصلاحيات أوسع وأكبر وأقوى، وبمرونة تسهل من تحركها وعملها بحرية أكثر تمكنها من التكيف مع مختلف الظروف للوصول للحقيقة ومواجهة الفاسدين بقوة وصرامة.
وعلى دروب الخير نلتقي.