مدخل..
أبو «وديع..» المكرّم بـ(وسام الملك عبدالعزيز من الدرجة الأولى)، وهكذا العهد بهذا البلد وقيادته - على السواء..-
اليوم..
نفقده كقامة أدبية لطالما قام عليها فترة ليست بالقليلة أوتاد النادي الأدبي بجدة.
هذا الكبير يطفقني إلى البوح عن موقف/ به تنازل للصغير - صاحب هذه السطور- ليدخل مع تلميذه في تجاوب (ولا أقول نقاش)، فقد كانت سلاسته وعذوبة مفرداته فضلاً عن تلطفه (ليجيب خطابي) يغري بي أن أميد في ترادّ عليه ولم يضق بي ذرعه
ما ترك لدي أثراً لا.. ولن أنساه،
ثم تعقبت ما كان من موضوعي الأول باتصال آخر.. وقبيل التوديع قلت (لعلي أزوركم إن أتيت إلى جدة)، فكأني أتحسس أساريره وهو يبسط بترحاب رغبتي..
خصوصاً أني بتلك المرحلة.. أولى أعتاب الكتابة الصحفية، ما جعل من صنيعه معي- رحمه الله- رفداً كبيراً في داخلي لأدخل غمار بعض مناكفات أدبية.. كانت يوم كان اليراع منّي على أشدّه
رحل بعد عمر وعطاء وروح تتقرّب زلفاً من كافة مستويات أهل الأدب بلا استثناء
فقيدنا (عبدالفتاح..) فتح الله عليه من باب واسع، فهو معطاء سمح، كريم الجانب تتصل بالهاتف فأول من يرد عليك بلا وسطاء متشاكسون مع من يطرق النادي ولا غير متشاكسون، لأنه ومن تلقائه يرد وربما يميد بساط التجاوب..
ثم وإن تجرأت في محاولة لأن تقنعه، لا يستثقل أو يستصغرك من أن يمدك بما آتاه الله من المادة الثقافية التي تجعلك تغرق شواهد يمليها عليك من بحر ما يكتز، فلا تلفى ذاتك إلا وقد خثر ما أكتنز لديك وأنت تهبّ بإلقائه
أذكر بعدها بنيف من السنين طالعت له تأبيناً لفقيد عالم الاجتماع (عبدالوهاب مطاوع) رحمهما الله.. في أسلوب أخاذ تعدّى كل صيغ «التأبين» التي عهدها جيل غير مؤثل ممن هم أمثالي
فقد مزج من جليل إمتاع يحبكه مداده في ذهاب إلى زوايا عن الفقيد كانت لربما.. أقرب تقريب لمآثره (.. ولا غرو)! فتلكم وجاهة ما عرفت القارئ (به)، وبالتالي كانت هي أولى النجاعة للإقناع بما يستحق أن يرصد للتذكير به، ووجه الثناء عليه
أملى تلكم من باب غيرته على الأدب الراقي، فتلكم - المنقبة- حفية بشخصه، وهي جلية ما لا تحتاج لذكر شواهد وممن؟
من مثلي.. يغرق في جنبات ذاك الوثير روحاً، الغني بساطة، السمح الإطله
ف.. علائم الحب لمن يراه بادية، شاهرة
قل ما ترى في توجهها عوجا ولا أمتا
رحمك ربي «حبيبنا أديبنا» الناقد بغيرة، النقيّ الطوية، الرطب القلب والسهل الدرب، لا عجل في الرد ولا وجل منه الورد
لا تماري وإن أفضت في مدائحه أن ترمى في سحاء التزلف، فقد كان كذلك، بل عُلم عنه ما فوق ذلك.. إن لم يكن أكثر
(رحل) حبيب الأدباء وربان نادي جدة لا أقول بصمت لكن بروية أو بتخفّ كالمشفق على محببه.. وأجزم أنهم كُثر من أن يتوجعوا لا أقول عليه (وهو يستحق)، ولكن على فراغ ما ترك
تركنا اليوم ونحن بالفعل بأشد الحاجة لنوعيته، فهو النحرير الغزير، الذي كان يجود بلا كلل، ويعطي بلا ملل
لا نملك إزاء وداعه .. إلا ترديد (الآية) التي حفظتها القلوب المؤمنة، فهي وهي تتنهد معانيها/ تتكئ على دلالتها: {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}.
** **
- عبدالمحسن بن علي المطلق