ملاك عبدالعزيز الحميِّد
حِينَ نَدْعُو إلى التمسُّكِ باللُّغةِ العربيَّة، والتحدُّثِ بها؛ ليس لأنها لُغتنا الأم فحسب!
بل لأنَّ بها نزل القرآن الكريم بلاغةً وإعجازًا: اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ .
لأنَّ بها أُرسل محمد -صلَّى الله عليه وسلَّم- مُبشِّرًا وداعِيًا!
العربيَّة التي رَوَت لنا حادثة الإسراءِ والمعراج، ونصْر بدْرٍ، وغروة أُحدٍ، وخندَق سلمَانٍ، وفَتْح مكَّة!
العربيَّة عام الفيل، وهجرة محمَّدٍ، وعام الحزنِ، وحَجَّة الوداع!
العربيَّة صَبر أيُّوب، وناقة صالِح، وهُدْهَد سُليمان، ودعاء زكريَّا، وعصَا موسَى، وحوت يونُس، ومخاض مرْيَم، وسجن يوسُف!
العربيَّة التي فهمنا بها القَصْوَاء، والبُرَاق!
العربيَّة التي صوَّرت لنا صدقَ أبا بكرٍ، وقُوَّة الفاروق، وحيَاء عُثمان، وإيثار علي!
العربيَّة أُمَّهاتُ المُؤمِنِين، وأُمِّ مُوسَى، وامرأة فرعون، وعزيز مِصْر!
العربيَّة خُطبة قِسْ بن ساعدة، والحجَّاج!
العربيَّة التي نقلت لنا شجاعة خالد بن الوليد، وأذان بِلال، وسَبْقُ عُكَاشة!
العربيَّة التي خلَّدت لنا مُعلَّقة زُهير، وأطلال امرئ القَيْس، وجسارَة عنترة، وعشق قيسٍ لِليلَاهُ!
العربيَّة فَصَاحَةُ سَحْبان، وحِلْم الأحنَف، وهجاء جَريرٍ رادًّا على الفِرَزْدَق فالحُطَيْئَة هاجيًا نفسه!
العربيَّة التي خطَّت لنا حيَوَان الجاحظِ وبُخَلائِه!
العربيَّة التي صاغَت لنا قصائدَ المُتنبِّي، وغُربة ابن عبَّاد، ومفاتيح غُرناطة تُسلَّم، فسقُوطِ الأندلس!
العربيَّة تعني قصيدة البُردة، ومُقدِّمة ابن خلدون،
وأيَّام طه حسين، وعبَرَات المَنْفَلُوطِيِّ!
العربيَّة مُعْجَم ابن منظور، وصحِيحَيِّ البُخاري ومُسلم، وفِقْه أبا حنيفَة، وَأحكام مالِك، وأحاديثِ الشَّافعيِّ، ومِحْنَة ابنِ حنبل!
العربيَّة بها رثينا أندَلُسًا، وبها طلب ابن زيدون وُدَّ وَلاَّدة، وبها حنَّ درويشٌ إلى خبزِ أُمِّهِ!
العربيَّة تعني طبّ ابن سينا، وجَبر الخوارزميِّ، وبُحور الخَلِيل، وألفية ابن مالِك، وسيبويه يموتُ وفي نفسهِ شيءٌ من حتَّى!
العربيَّة تعني أحمد شوقيِّ أميرًا لِلشُّعَرَاءِ، وحافظ إبراهيم شاعرها، وأنشودة المَطَر، ودمشقيَّة نزار!
العربيَّة مكتبة الجاحظِ التي أردَتْهُ قتِيلاً، وسُخرية ابنِ المقفَّع التي أوْدَت بِحياتِهِ، وبيت المتنبيِّ الذي كتب نهايتهِ!
العربيَّة ألف ليلة وليلة، وكليلة ودمنة، وحي بن يقظان!
العربيَّة نخلة عبدالرحمن الداخل غريبةً في الأندلس!
العربيَّة عين زبيدة، وعَدْل عُمر بن عبدالعزيز، وشُهرة هارون الرَّشيد!
إنَّ العربيَّة لُغتُنا وتاريخنا، تُراثنا وإِرْثنا، عادَاتنا وتقاليدنا، حِكَمنا وفُنوننَا!
العربيَّةَ قرآنٌ يُتلَى، ومآذنٌ تصْدَح، وأحاديثٌ تُرْوَى، وسِيَرٌ تُدَوَّن، وأساطيرٌ تُحْكَى!