زكية إبراهيم الحجي
ثمة علاقة قوية بين الدافعية الذاتية للتعلم والاستمتاع بالتعلم.. وبناءً على ذلك فإن المتعلم الذي يتميز بمستوى عالٍ من الدافعية الذاتية تجاه التعلم فذلك دون أدنى شك دليل على رغبة متقدة نحو الاستمرار في الإنجاز خاصة إذا ما ارتبط شغف التعلم بالمشاعر الوجدانية المحفزة للاستمتاع بكل ما هو متعلق بالمعرفة ولهفة التعلم المستمر خارج الجدران المغلقة للقاعات المدرسية ودون تدخل دائم من معلم قد يتحكم في اتجاه تدفق المعلومات إلى عقل الطالب.
لا مناص بأن الانفتاح تجاه التغيير يحتاج لإعادة النظر في كثير من الأفكار والأساليب المتعلقة بعملية التعليم وربما التخلي عن بعضها نظراً لأن الكثير من هذه الأساليب والأفكار هي نتاج ما كان سائداً لفترة طويلة في المنظومة التعليمية.. ونحن بحاجة ماسة للتخفف منها لبناء قوة عمل أكثر صحية والاستمتاع بعائد استثمار أكبر سواء كان مادياً أو تطبيقياً.
وغير خافٍ على أي منا أن النظام التعليمي الذي ورثناه من تمازج وتوارث كل الحضارات ولاسيما الحضارة العربية حَولَ كل موروث وتقليد في المجال التعليمي إلى نوع من الإرث التاريخي وإلى مسلمات لها قداستها ومكانتها لدى البعض إلى أن تفجرت ثورة المعلومات الرقمية مما أحدث هزة في كل النظم والمسلمات المتعارف عليها.. ومن خلال هذه الثورة الرقمية المتجددة.. يصبح للطالب دور فعال في عملية التعلم.. فبدلاً من أن يكون الطالب متلقياً سلبياً للمعلومة سيكون المجال مفتوحاً أمامه لينهل من كل منابع المعرفة الموجودة دون أي شروط هذا إذا كان الطالب شغوفاً بالتعلم ويمتلك القدرة على توظيف أحدث وسائل التقنية في عملية التعلم.. ويشعر بالاستمتاع وهو يبحث ويجرب ويكتشف ويُطلق العنان لفكره محلقاً في عالم التعلم كي يُبدع موقناً بأن التعلم ليس مرحلة تحضيرية للعمل بل إن التعلم هو العمل ذاته.
إن الاهتمام بشعور المتعلم بالاستمتاع أثناء التعلم هو من الركائز المهمة أثناء فترة التعلم إلا أن هذه المتعة لا تعني اللهو غير المفيد وغير المُنتِج إنما المتعة هنا تعني إثارة الاهتمام.. تعني الفهم الجذاب للمضمون والمحتوى إنها متعة التعرف للمعنى الذي يبحث عنه طالب التعلم هذه المتعة ربما تبدو أكثر فعالية من أية تقنية أو أسلوب أو وسيلة إيضاح قد تُستخدم لإيصال الأفكار لعقل الطالب.
نحن نتعلم من خلال الفعل.. لذا فإن مهمة المعلم وببساطة هي أن يوقد العملية التعليمية ومن ثم يُفسح المجال أمام المتعلم كي يواصل ويُتم عملية التعلم.. ففي نهاية المطاف ليس التعلم مسألة تجميع معلومات من قبل المتعلم.. وإنما هو عملية تحويل كل هذه المعلومات إلى معرفة ذاتية لشخص المتعلم كي يستفيد منها في حياته.