مها محمد الشريف
لم تكن أزمة التفكير عند المسلمين في دينهم كما يدعي بعض المستشرقين، أو بسبب فقر في القيم التي أكملها الله وتعهد بحفظها على مر الأزمنة، وإنما السبب في العجز عن حسن التعامل مع منظومة القيم الإسلامية واستثمارها للإنتاج الفكري، وتسخيرها لحفظ الهوية وتعزيز الكيان، كما جاء في كتاب فلسفة المشترك الإنساني بين المسلمين والغرب.
وإن سلمنا بأن الواقع مقاصده محدودة، عبر أنساقنا التصويرية، ومساحاتنا الذهنية المملوءة بمآسي الحرب ومشاهد الغرقى، وحروب الاستعمار وتظاهرات الشعوب المكلومة التي أنهكت المسلمين والعرب، سنفصح عن الحقائق وفق الضوابط والقرارات الموجودة، وكيف عمد العرب إلى التسويف وليس التأثير، ومن هنا نتساءل: هل منعتم يوماً إسرائيل من بناء المستوطنات، أو تجريد الفلسطيني من أرضه، أو تدخلات إيران في العراق وتشكيل حكومته وفق مصالحها، أو في سوريا ولبنان واليمن، أليس من السهل استهلاك الأحداث ولكن لن يكون الرد مباشرًا حول كبرى القضايا القديمة والمعاصرة.
إذ يبدو أن الأمة ضمن الشكل الذي يجب أن يرسمه التاريخ، على أديم الجغرافيا العربية، ومن المفارقات العجيبة أن بشرية الأرض التاريخيين لم يعودوا صناع التاريخ بلغته الحديثة وإنما إسرائيل هي من صنع هذا التاريخ، وهي من سعى في آفاق الفكر لإقامة الفهم والفعل والتأثير المعاصر لكي تفرضه على الآخرين ويتم قبوله بالإكراه، تقتل الأطفال الفلسطينيين وتفرغ منبتهم التاريخي وتبعد النصف الآخر لتغيير التوازن الديمغرافي في القدس، ويوافق وزير الداخلية الإسرائيلية أرييه درعي، على خطة لاستقبال 100 طفل سوري يتمتهم الحرب الأهلية، ليمنحهم جنسية دائمة؟
ألا يخشى الوزير الإسرائيلي على الهوية اليهودية من التحولات نتيجة صراعات لا تتوقف؟ ألا يعلم أن كل شيء قابل للتجديد مع الأجيال القادمة؟! بمعنى أن الموقف لا يبعث على التفاؤل، وقد أنذر سابقاً بأزمة لاجئ سورية وخطر يعرقل اجتياز الحاضر إلى المستقبل، فهما أدمنا التفكير في ذلك لانتهى بنا الأمر إلى صياغة وكتابة الأسئلة الأصعب دون إجابات، فهل إسرائيل تصنع الغذاء للفقراء وتضع السم فيه؟!
في نوفمبر، ضرب الجيش الإسرائيلي عشرات الأهداف داخل سوريا، أكثر من نصفها كانت إيرانية، بعد أن رصدت القوات الإسرائيلية صواريخ حددت أنها أطلقت من قبل القوات الإيرانية في مرتفعات الجولان، وقتل ما لا يقل عن 23 شخصاً في تلك الغارات، قدر أن أكثر من نصفهم من الإيرانيين أو مقاتلين مدعومين من طهران وفي نوفمبر، ضرب الجيش الإسرائيلي عشرات الأهداف داخل سوريا، أكثر من نصفها كانت إيرانية، بعد أن رصدت القوات الإسرائيلية صواريخ حددت أنها أطلقت من قبل القوات الإيرانية في مرتفعات الجولان، وقتل ما لا يقل عن 23 شخصاً في تلك الغارات، قدر أن أكثر من نصفهم من الإيرانيين أو مقاتلين مدعومين من طهران، فكل شيء ينسب إلى نفسه وبمقدار الضجة المصطنعة حول واقعه فإسرائيل وإيران نقلتا الحرب إلى أرض سوريا كتعويض سخي لما خسروه في شراء الأسلحة وتغيير مصائر الشعوب والدول.
لا شك أن مصادر الصعوبات تأتي من نتائج هذه الخطوة التي ترمي إلى صناعة تعايش محموم ونسيج ممزق، ليقضي على بعضه البعض، وتتباين النوايا من خلال هذه الاجتهادات في البحث عن الحقيقة ليكشف عن أعمال مبطنة تخطط من خلالها إسرائيل لتهويد سورية وتشييع النصف الباقي، نعم كعكة نصفها لإسرائيل والنصف الآخر لإيران، وهنا يأتي الجواب قبل أن يصل السؤال وهنا أيضاً قد تكون فاجعة الإجابة أكبر لمن فقد السؤال.