محمد سليمان العنقري
أعلنت قبل أيام الموازنة العامة للدولة والتي تجاوز تقدير النفقات فيها حاجز التريليون ريال، وذلك بهدف تحقيق نمو مستدام، وكذلك تنفيذ برامج ومبادرات رؤية 2030م، وقد وزع الإنفاق على القطاعات الرئيسية بحسب حجمها واحتياجاتها بالمرحلة القادمة، ودائماً ما يحظى قطاعي التعليم والصحة والتنمية الاجتماعية بالحصة الأكبر من الموازنة بنسبة بلغت للقطاعين 35 % نظراً لتركيز برامج الدولة على التنمية البشرية منذ سنوات طويلة.
وبالتأكيد مع زخم الإنفاق الكبير المعتمد في الموازنة، ينظر القطاع الخاص لحجم الدور الذي سيلعبه في نمو الاقتصاد للعام القادم من خلال تنفيذه للمشاريع الرأسمالية وانعكاس الإنفاق التشغيلي على نشاطه، فما زالت الميزانيات العامة الداعم الأول لنمو الاقتصاد الوطني، ففي الموازنة أبواب عديدة ذات تأثير إيجابي مباشر على القطاع الخاص، فالإنفاق الاستثماري سيبلغ 173 مليار ريال أي 17 % من الموازنة، بينما تبلغ النفقات التشغيلية 847 مليار ريال أي بنسبة 83 % وهو ما يعني أن العديد من مشاريع البنى التحتية والمرافق سيتم التعاقد لإنشائها وهو ما سيكون سبباً في تحسين نشاط قطاع التشييد والبناء وكذلك قطاع مواد البناء من أسمنت وحديد وغيرهما، وتشتمل هذه المشاريع على مشاريع سيتم استكمالها وأخرى جديدة يُضاف لذلك تأثير غير مباشر من خلال ما سينفق لدعم قطاع الإسكان مما سيحفز القطاع الخاص لإنشاء مشاريع سكنية، حيث تم التركيز ببيان الموازنة على قطاع الإسكان ودعمه والخطط التي سيتم تنفيذها العام القادم لدعم كافة احتياجات القطاع.
أما العوامل الأخرى الداعمة للقطاع الخاص فتتمثَّل بالبدء بنظام المشتريات الحكومية الجديد الذي سيعطي فرصاً أوسع للمنشآت الصغيرة والمتوسطة بالحصول على نسبة جيدة من المشاريع والأعمال التي ستطرح العام القادم، كما أن زيادة نسبة المحتوى المحلي ستمكِّن القطاع الخاص من تحقيق معدلات نمو بالإيرادات ودور فاعل أكبر بالنشاط الاقتصادي، كما أن النفقات التشغيلية تتضمن مشاريع صيانة وتشغيل وهو القطاع الذي سيكون الأكثر نمواً في السنوات القادمة بسبب ضخامة البنية التحتية التي بنيت على مدى السنوات الماضية بالإضافة لما هو قادم بالمستقبل، كما أن حجم تعويضات العاملين والذي يتعدى 500 مليار ريال بالإضافة لبرنامج حساب المواطن وتمديد صرف بدل غلاء المعيشة سيكون لها دور مهم باستمرار قوة قطاع التجزئة والجملة من خلال تعزيز قدرة المستهلك، فقطاع التجزئة في المملكة هو الأكبر بالمنطقة العربية وللإنفاق الاستهلاكي الكبير للإفراد دور واسع بنموه طيلة السنوات الماضية، حيث ضخت به استثمارات كبيرة من القطاع الخاص ويوظِّف قرابة مليوني موظف منهم حوالي 22 % مواطنين.
الموازنة تحدد أرقام النفقات فيها لتحقيق أهداف اقتصادية وتنموية واجتماعية تنعكس على المجتمع بالأمن والحماية الاجتماعية وللقطاع الخاص فرصة كبيرة ليكون شريكاً بالتنمية ويستفيد مما هو معتمد من إنفاق على كافة القطاعات مع أهمية أن تقوم الجهات المعنية بدورها الداعم للنمو الاقتصاد فيما يتعلّق بطرح ما اعتمد لهم من مشاريع دون تأخير.