هدى بنت فهد المعجل
نحن على إيمانٍ أكيد أنّ الصورة إذا اتضحت داخلياً انعكست بنفس درجة الوضوح - تقريباً - خارجياً، وربما بدرجة الوضوح أقل. وعندما لا تتضح داخلياً فإنها تبدو من الخارج مشوَّهة مشوَّشة معتمة الملامح.
فكلما استطاع الفرد تمثيل وتصوُّر الأشياء أو الجزيئات داخلياً تصوّراً دقيقاً، أمكنه استرجاعها وإعادة تدويرها.
ومهما حاول الإنسان تغطية الداخل أو تعتيمه أو فكّر في التمويه، فإنه لن يستطيع هذا تمام الاستطاعة؛ لأنّ النظرة تشي والكلام يشير والحركة تعلن.
في تمثُّلنا للعادات والتقاليد والأعراف، يتحقّق لنا فهم الذي أشرت إليه، وكيف أنّ القناعة الداخلية تنعكس خارجياً انعكاساً مباشراً مهما حاولنا تغطية ما لا نود انعكاسه.
في حين تظهر اللا قناعة في تصرُّفاتنا وسلوكنا وتعاملاتنا، حيث يصعب أحياناً وفي أغلب المواقف سترها وتغطيتها.
القشور قلّما تستقر، فهي إلى التفتُّت بفعل عوامل التغيُّر المستمر، أو أنها تحت رحمة من ينزعها لتتضح الرؤية بصورة جليّة.
ليس معنى هذا أنّ القشور جميعها ضارة أو غير نافعة، لكن وصول الفرد إلى مرحلة الوعي والنضج والإدراك وتمثيل الحقائق داخلياً، يمنحه تذكرة عبور ومراجعة ما وجد أهله ومجتمعه عليه، وبالتالي هل يستمر على تتبُّع خطاهم والسَّير على نهجهم، أو يأخذ النافع ويطرح القشور.
سيكولوجياً العادات: هي أنماط معتادة ومكتسبة ومتعلّمة ومتكرّرة للفرد من السلوك وتحدث من ما قبل الشعور، وليس بتفكير شعوري بشكل مباشر أو ملاحظ لأنها لا تلتقي مع تحليل الذات.
التعوُّد هو تعلّم بعد فترة من التعرُّض لمثير معيّن.
وقد برزت بشكل جيد العادة في دراسات علماء النفس الوظيفيين والبراغماتيين.
والعادة تتطوّر بعمل النشاط عدّة مرات وأنّ الخلايا العصبية في الدماغ تخلق مساراً ثابتاً صعب التغيير يجعلها تمر بسرعة عن القادح، مثل مشاهدة التلفاز أو الأكل، وقد تأخذ العادة أياماً أو سنوات حتى يعتادها الفرد اعتماداً على تعقيدها.
ويشير علماء النفس إلى أنّ العادة لا تستمر عادة ما لم تتوفر فيها ثلاثة عناصر مرتبطة ببعضها بعضاً:
1- المعرفة النظرية بالشيء المطلوب.
2- الرغبة وتوفُّر الدوافع والحوافز والميل النفسي لعمل هذا الشيء.
3- المهارة والقدرة أو التمكُّن على فعله.
التقاء هذه العناصر الثلاثة يشكّل عادة، وفي حال نقص عنصر من عناصرها فإنه يحول دون التعوُّد عليها.
ويمكن قياس ذلك على عادات تتلقّف الطفل، فإذا شبّ ونضج وأدرك وتحقق نموه المعرفي وفهمه، إما أن يستمر يأتي بتلك العادات لأنّ العناصر الثلاثة توفّرت، أو يتراجع عنها بسبب نقص عنصر أو عنصرين وربما غياب جميع العناصر.
وهنا يتدخّل السوسيولوجيا في توصيف العادات الأنماط السلوكية التي تختص جماعة ما/ خَلَف، حيث تتعلّمها شفهياً من الجماعة السابقة/ سَلَف، مثل تقليد أو احتفال بعيد معيّن.
قد تصبح بعض العادات في مجتمع معيّن جزءاً من القانون الرسمي أو تؤثر على الدستور، فالعادات تكون بشكل غير مكتوب أو معتمد علمياً.
والفرق بين العادات - والتقاليد أنّ التقاليد تنشأ من تقليد جيل لجيل سبقه في شتى المجالات وبالحذافير أما العادات فلا يشترط، والعادات والتقاليد تؤدي وظيفة اجتماعية بأنها تقوي الروابط الاجتماعية والوحدة وتحيي المناسبات والأعياد أو الفولكلور.
وقد تكون العادات والتقاليد ضارة بالمجتمع، وكل مجتمع يستطيع تنميط العادة وبالتالي إدراك نفعها أو ضررها.
فهل إذا تركنا عادة أو تقليداً لم يتفق مع مراجعاتنا الذهنية والعقلية والمنطقية نكون بذلك في حال عقوق للسّلف، وأننا خَلَف شذّ عن النّسق وخرج عليه؟ وهل النّسق الماضي يستلزم أن يأتي به الحاضر ويتهيأ له المستقبل؟.