عبدالوهاب الفايز
في الأسبوع الماضي كان الحديث حول أهمية دعم (القطاع الثالث)، بكل مكوناته عبر مشروع يستهدف توظيف الباحثين عن العمل، مع بقاء معدل البطالة عند 12 في المائة ويبقى السؤال: لماذا القطاع الثالث؟
بناء وتقوية القطاع الثالث ضروري لتكامل مقومات الدولة الحديثة، لأنه يقوم بادوار مهمة اجتماعية واقتصادية، ويحدث التوازن في التنمية عبر الحد من توسع القطاع العام، ويقدم الخدمات التي يقصر فيها، بالذات في جانب التنمية الاجتماعية، وأيضًا يخفف التبعات التي تترتب على تطرف النشاط التجاري، إنه يوسع شبكات الأمان الاجتماعي، وهو أحد الأدوات الضرورية للإصلاح الاقتصادي والسياسي. في العقود الماضية توسعنا في بناء القطاع العام حتى نمى بما فيه الكفاية، وكان الموظف الرئيس للموارد البشرية، ولدينا الآن تقريبًا 72 هيئة حكومية أنشأناها لتخدم احتياجات جديدة لإدارة التنمية، وهذه الهيئات كان لها دور مهم في التوظيف وفي التخفيف من البطالة. أيضًا القطاع الخاص لن يساعدنا في استيعاب البطالة، فهو مقبل على حقبة ستضطره إلى خفض الوظائف لعدة اعتبارات، منها ارتفاع تكاليف التشغيل نتيجة لإدخال الضرائب والرسوم، وأيضًا لدخول التقنية التي ستقلل العمالة، والأهم أن هذا القطاع لا يحبذ التدخل الحكومي المستمر، وقد عانى من الإرباك في خططه التشغيلية في العقدين الماضيين نتيجة لعدم استقرار السياسات الحكومية المنظمة لسوق العمل.
القطاع الثالث هو فرصتنا المفتوحة والثرية، ليس لتنمية فرص الوظائف فحسب، بل هو مهم لتنمية المنشآت الصغيرة والمتوسطة، وجهودنا المبذولة الآن لتنميتها ستكون نتائجها وعوائدها أكبر وأوسع إذا جعلنا القطاع الثالث حاضنًا ومولدًا وداعمصا للمنشآت الصغيرة والمتوسطة، فالمؤسسات الخيرية والتعاونية التي قامت منذ سنوات بعيدة كونت الخبرة، وتمرست في النشاط الخيري غير المربح، وهذا يجعلها حاضنًا مثاليًا لتوليد المنشآت الصغيرة ورعايتها. لذا دعم القطاع الثالث بتوفير الوظائف وتحمل تكاليفها، كأحد حلول البطالة هو دعم لقطاع المنشآت الصغيرة، فهذا القطاع في مراحل تشكله الأولي يعتمد بشكل كبير على الموارد البشرية، ومعظم تكاليف التشغيل تذهب إلى هذا البند. مثل هذا التوجه لدعم تنمية الوظائف في القطاع الثالث بشكل مباشر من ميزانية الدولة، كأحد الحلول الضرورية للتدخل الحكومي المؤقت لاستيعاب البطالة يدعم المبادرة التي تعمل عليها وزارة العمل والتنمية الاجتماعية لتوفير فرص عمل في القطاع غير الربحي لسد احتياجات القطاع من الكفاءات المتخصصة. ومما تستهدفه المبادرة هو (التطوير المهني وبناء القدرات لدى القيادات والعاملين في القطاع الأهلي للارتقاء بمستوى الكفاءة والاحترافية والفاعلية في إدارة المنظمات التابعة للقطاع الأهلي من خلال مجموعة من البرامج التي من شأنها تمكين هذه المنظمات من تنفيذ برامج تنموية ناجحة ولعب دورٍ مهم في التنمية الاجتماعية في المملكة. هذه المبادرة هي اعتراف حكومي موضوعي بأهمية وحيوية الموارد البشرية لاستدامة وحيوية القطاع غير الربحي. لذا يبقى السؤال الحيوي: هل من مصلحة التنمية ومصلحة الاستقرار الاجتماعي والسياسي استيعاب البطالة عبر برامج نوعية ذأت أثر إيجابي متعدٍ.. اقتصاديًا وسياسيًا؟