د.ثريا العريض
ننتظر بروح التفاؤل وأجواء تسودها إرهاصات إيجابية نتائج انعقاد القمة الخليجية في الرياض بحضور كل الأعضاء.
وعلى الرغم من وجود اختلافات في وجهات النظر حول بعض القضايا الثنائية بينها, تعتبر غالبية دول الخليج أن خطط الهيمنة من جانب النظام الإيراني هي أهم الأخطار المحيطة بها. وتدخلات إيران لخلخلة أمن جيرانها العرب واضحة عبر التأجيج المذهبي وتسليح المتمردين.
الآن, وقد نجحت دول الخليج في ردم بعض الفجوات وتوضيح التجاوزات التي وترت العلاقات البينية المؤلمة, كما استطاعت دول التحالف أن تمرر مقترحها في مجلس الأمن في ما يختص باليمن بحيث يمنع أي طرف خارجي من قلقلة الأوضاع الداخلية بتسليح فئات بعينها للإطاحة بالسلطة الشرعية, يبدو أن خارطة التفاعل الإقليمي والمنافسة على الهيمنة على دول الجوار قد تحولت إلى تفاصيل جديدة. وبالتالي دول الخليج ستحتاج الآن أن تخطط لتفكيك وإيقاف كل ما يضر بها على كل الجبهات محليا داخليا وخليجيا وإقليميا ودوليا. ومن ثم لابد من استراتيجية للعمل كجبهة موحدة حيث يد الله مع الجماعة والاتحاد قوة والتشتت ضعف. ولا يمكن استعادة الاستقرار في المنطقة إلا من موقع قوة. والحمد لله أننا لا نبدأ من نقطة الصفر. حيث تم الكثير من خطوات التقارب وتقليص نقاط الاختلاف لمواجهة التحديات المشتركة. ولكن المسيرة تحتاج إلى استمرارية وللمزيد من بلورة الخطى القادمة لاستدامة النتائج.
ونتوقف هنا أمام أسئلة ملحة: ما هي التحديات التي تواجهها دول الخليج العربية في أوضاع الساحة الراهنة؟ وما هي احتياجات العمل المشترك؟ والإستراتيجية الأفضل؟ إذا وضعنا تهديد الطموحات الإيرانية للتوسع جانبا نجد:
1- هناك التحديات على جبهة البنية السكانية: في بعض دول الخليج هناك نقص في عدد السكان الأصليين ومشكلة البدون, كما تعاني من مشكلة التسلل والإقامة غير المشروعة, بالإضافة إلى عطالة وبطالة متصاعدة في أوساط المواطنين, خاصة الشباب الذين يمثلون نسبة 70% من السكان أو أكثر. ومع تصاعد أعداد الخريجين من الجنسين يتوقع تزايد المشكلة على الجبهة السكانية. وتواجه دول الخليج الآن تداعيات اعتمادها كليا منذ السبعينات على استقدام العمالة الوافدة, ما أحدث خللا في التركيبة السكانية خاصة في الدول الصغيرة المساحة والقليلة السكان مقارنة بدخلها. وقد يسبب هذا الوضع, ما لم يعالج بصورة فعالة, تصدعات ومطالبات فئوية, تهدد على المدى الطويل الاستقرار وحتى الأمن. كذلك أحدث هذا الوضع هدرا متراكما للدخل وتسرّب نسبة منه إلى خارج الدورة الاقتصادية المحلية, بالإضافة إلى إرهاق البنى التحتية والخدمات بسبب مشاركة ملايين العمالة الوافدة في استهلاك الكهرباء والمياه المحلاة بتكلفة عالية والخدمات الأخرى التي هي غالبا مدعومة من الحكومات. وبالرغم أننا لا نستطيع بعد إلغاء حاجتنا لبعض المهارات المستوردة إلا أن هناك حاجة جذرية للمزيد من التوطين والتدريب ونقل التقنية واعتمادها في رؤية التحول وخطط التنمية.
2- وعلى الجبهة الاقتصادية تواجه دول الخليج نتائج التغيرات في سوق الطاقة ونزول أسعار النفط ولو مؤقتا, ما يعني هبوط مداخيل الدول المنتجة للنفط. وتواجه ضعف البدائل لتنويع مصادر الدخل, حيث ليست هناك صناعات محلية أو تصدير لمنتجات غير الزراعية والنفطية. هناك قطاع الخدمات والإدارة والتسوق وجلها نشاطات موسمية لا علاقة لها بالمهارات الإنتاجية أو قدرة التصنيع.
وسأعود لاستكمال تحليل التحديات والتوقعات في حوارنا القادم.