د. حسن بن فهد الهويمل
سُئل أحد المفسِّرين - وأظنه (الشعراوي) -رحمه الله-
- لماذا تَخَلَّف وعد الله...؟
قال: لمَّا نزل مسلمين. وكم هو الفرق بين: الإسلام, والإيمان. بل كم هو الفرق بين:الإيمان, واليقين:
{قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ}.
واقع الأمة العربية, والإسلامية يثير كثيراً من التساؤلات. لقد غُلِبت, وساء مصيرها, وقد لا تكتب لها الغلبة. فالبوادر لا تبعث على الأمل, ولا تبشّر بخير.
نؤمنُ بسنن الله الكونية القائمة على: التدافع, والتداول: (يوم لك, ويوم عليك). {وَلَوْلاَ دَفْعُ اللّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الأَرْضُ وَلَكِنَّ اللّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ}.
غير أن الحرب اليوم لم تكن (مواجهة عسكرية) إنها حرب: المكر, والخديعة, والتدبير, والتقدير. حرب الكيد, واللعب السياسية الكبرى, المحكمة الصنع.
(العالم الثالث) يدفع ثمن السلاح, من قوت الجائعين, ولباس العراة, وعلاج الزَّمْنى. ويمارس أشرس الحروب على أرضه, وبين أطيافه. و(الحاكم بأمره) متكئ على أريكته يدير الحرب, ويجني الثمار.
و( حَرْبٌ) أخرى تدار بالكلمة الخبيثة, تشكل وعياً, وتَدَيُّناً منقوصين.
(العالم العربي) جزء مهم من (العالم الثالث) المستهدف بكل الفتن. مُزِّقت أرضه على أساس جغرافي. ولما خيف من التقارب بين أطيافه, تم التمزيق على أسس: فكرية, واقتصادية, واجتماعية. بحيث تتكرّس الأنساق الثقافية المتناقضة, وتحول بين التقارب.
كان هناك تكريس (قُطْرِي) صُنِّمت فيه الحدود. ثم كان هناك تكريس (فكري) قُدِّست فيه المذاهب, والطوائف, والأعراق القبلية, ومن ثم أصبحت (المكونات السكانية) عبوات ناسفة, يستخدمها الاستعمار الحديث, كلما أحس بتعايش, وتصالح بين أطياف المجتمع الواحد. حتى أصبحت المذهبية المتعصبة كـ(بقرة), يغدر بها المستعمر لتراق في سبيلها دماء بريئة.
لو عاد (المسلمون) إلى إسلامهم على مراد الله, لكان لهم شأن آخر. فالله تعهد بنصر من ينصره, بل جعل النصر حقاً عليه. الله لا يُسأل عمّا يفعل, ولكنه يُطَمْئن عبادة بما يجعله بإرادته (حقاً) لهم عليه: {وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ}: (إني حَرّمْتَ الظّلمْ على نَفْسي, وجَعَلتُه بَيَنكم مُحَرَّما, فَلَا تَظَالَمُوا).
ما نوده عودة الأمة إلى كتابها, والتزام أوامره, ونواهيه على مراد الله, والخلوص من الشِّيع, والتشيع, والأحزاب, والتعصبات.
(المملكة العربية السعودية) بوصفها (رقماً) مهماً في السياق العالمي تمثّل (أهل السنة والجماعة) وهي الفرقة الأكثر بين الفرق الإسلامية. وهي الأمة المنصورة الناجية - إن شاء الله - لأنها تمثّل: الوسيطة، والتسامح, والرد إلى كتاب الله, وسنّة رسوله, على ضوء ما يحملانه من أوامر, ونواه, ومقاصد, تواجه قدرها المأزوم, وسط التآمر العالمي.
وهي ليست كغيرها ممن يَدَّعون الإسلام, ثم لا يقيمون شعائره على أرض الواقع, ولا يلتزمون حدوده.
(المملكة) تقيم: الصلاة, وتؤدي الزكاة, وتأمر بالمعروف، وتنهى عن المنكر، وتَحْكم بما أنزل الله، وتقيم الشعائر, وتخدم المشاعر، وتطهرها: للطائفين، والعاكفين, والركع السجود. وتعمر المساجد, وتنشئ هيئات, ووزارات لخدمة الإسلام في الداخل, والخارج.
هذا التمسك: قولاً, وعملاً, جعلها مستهدفة من أعداء: الدين, والعروبة.
وعلى الرغم من تكالب الأعداء, وتنويع مهماتهم, ومواقعهم إلا أنها: قويةٌ ثابتةٌ, لم يخترقها غزو, ولا تآمر, ولا لعب. شعب متلاحم, آمن مطمئن, يأتيه رزقه رغداً من كل مكان.
لقد وقعت دولٌ قوية في مستنقع (الربيع العربي), فدمرت نفسها, وقتلت شعبها, وشرّدت أبناءها, وأخافت القاعدين منهم. ولما تزل في أتون الفتن. تعرف الحل, وتتجاهله. وتعرف الحق, وتخالفه. وتعرف سبيل النجاة وتحيد عنه.
صمود المملكة على كل الجبهات, لم يحل دون قيامها بواجباتها: العربية, والإسلامية, والإنسانية.
تعطي, ولا تأخذ, وتدعم أشقاءها: بالمال, والتأييد: الحسي, والمعنوي. وتخوض حرباً مصيرية مع (الصفويين), الذين هُيئت لهم كل الظروف, لإفساد أقوى دولتين عربيتين: (سوريا, والعراق), وإحداث فتن عمياء في (لبنان, واليمن).
(المملكة) وحدها صامدة أمام هذه الحروب: الدنيئة, العنصرية.
سيظل المواطن السعودي واثقاً بوعد الله: {وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ}.
اللهم نصرك, وتمكينك: لقادتنا, وجنودنا, وعلمائنا, ومفكرينا, وإعلاميينا في حروب شرسة:
- حرب السلاح.
- وحرب الإعلام.
- وحرب اللعب.
لتظل مقدساتك في مأمن, ومنأى عن الفتن.