خالد بن عبدالكريم الجاسر
مُنذ نصف قرن في خدمة الأمة الإسلامية، وهي جامعة كلمة الأمة وممثلة المسلمين، وصوتها الجماعي، الذي يُناصرُ قضاياه التي تهم ما يزيد على مليار ونصف المليار مسلم في مختلف أنحاء العالم؛ لحماية مصالحه والتعبير عنه، دعمًا للسلم والانسجام الدوليين، وتعزيزًا للعلاقات بين مختلف الشعوب، كونها ترتبط بعلاقات تشاور وتعاون مع الأمم المتحدة، وغيرها من المنظمات الحكومية الدولية بهدف حماية المصالح الحيوية للمُسلمين، والعمل على تسوية النزاعات والصراعات التي تكون الدول الأعضاء طرفًا فيها، مرورًا بالدور الأخلاقي والفكري، خاصة تصحيح المفاهيم والتصورات الخاطئة، ومواجهة ممارسات التمييز إزاء المسلمين بجميع أشكاله وتجلياته، مُنذ حريق المسجد الأقصى على يد مُتطرفين في أغسطس 1969، الذي كان سببًا مباشرًا وراء إنشاء المنظمة، حتى إنشاء دولة فلسطينية عاصمتها القدس، وفقًا لقرارات الشرعية الدولية. لتدخل على طريق حل النزاعات وأبرزها النزاع بين منظمة التحرير الفلسطينية والأردن عام 1970، وحل النزاع بين باكستان وبنجلاديش عام 1974، والصراع العراقي الإيراني، والنزاع السنغالي الموريتاني، وعدم الربط بين الإسلام والمسلمين وبين هذه الآفة، «الإرهاب»، وتفعيل معاهدتها لمكافحة الإرهاب، وسعيها نحو الاهتمام بالحقوق السياسية والإنسانية للجماعات والمجتمعات المسلمة المسالمة بالدول غير الأعضاء فيها، ودعمها اقتصاديًا عبر إبرام بعض الاتفاقيات العامة المتعلقة بالمجال الاقتصادي، كاتفاقية تنشيط الاستثمارات وحمايتها وضمانها في المؤتمر (12) للمنظمة يونيو 1982م.
أما ثقافيًا، تمكنت من إنشاء المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة الـ«سيسكو» بموجب قرار مؤتمر القمة الإسلامي الثالث، الذي عقد عام 1981م، كما أطلقت أيضًا اللجنة الدولية للحفاظ على التراث الإسلامي الحضاري، ووكالة الأنباء الإسلامية الدولية ومنظمة إذاعات الدول الإسلامية عام 1975 وذلك سعيًا منها للمحافظة على الهوية الحضارية للعالم الإسلامي.
فحقيق علينا تهنئة المُنظمة بعيدها 50 في 25 نوفمبر من كل عام، وليس ككل عام لاحتفال محافظة جدة، تحت شعار «متحدون من أجل السلم والتنمية»، بتلك المناسبة العطرة، كونها تأسست بمبادرة مخلصة من السعودية والمغرب في 25 سبتمبر 1969م، ليكون مقرها وطن الحرمين الشريفين، وقيادة العمل الإسلامي، من خلال رئاسة الدورة الـ14 للقمة الإسلامية، حتى باتت تضم 32 جهازًا متفرعًا ومتخصصًا ومُنتميًا، وتمثل 57 دولة من أربع قارات لتُصبح في نصف قرن منصة جامعة للصوت الإسلامي، وثاني أكبر منظمة حكومية على المستوى العالمي بعد الأمم المتحدة.
بلى، إنها منصّة هدفها التصدي للتحديات، ومرآة للأمة الإسلامية بحكوماتها وشعوبها، ومترجمة أدائها الفاعل المتسع بالمناطق الجغرافية الثلاث للمنظمة؛ العربية والآسيوية والإفريقية، بأجهزتها وأذرعها لتصل إلى اختصاصات عديدة، حتى صارت رقمًا صعبًا على الصعيد الدولي ومحطة تقف عندها الدول الكبرى والمنظمات والهيئات الدولية للتنسيق والتشاور وتدارس مختلف القضايا على الساحة الدولية التي تنطلق بقيادة خادم الحرمين الشريفين، ورؤية ولي عهده سمو الأمير محمد بن سلمان من أرض المملكة العربية السعودية.