قال الله تعالى: {وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}.
وقال تعالى: {وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَاء أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ}.
في يوم الجمعة الموافق 19-2-1441هـ فُجعتْ أسرة آل دريهم في فقد أحد رجالاتها الأفذاذ المخلصين المعروفين في خدمة الأسرة، والرفع من شأنها، الذي أصبح علمًا من أعلام الخرج في كرمه وعطائه وجوده، الشيخ زيد بن محمد الدريهم. وقد أُديت الصلاة عليه في مسجد ابن باز في الدلم، واكتظ المسجد بالمصلين الذين جاؤوا من كل مكان للصلاة عليه والدعاء له بالمغفرة والرحمة والمنزلة الرفيعة عند ربه. وقد خيم الحزن على أسرته ومحبيه وجميع الأُسر والقبائل التي لها صلة به على رحيله المفاجئ الذي أذهل الجميع، ولكنها سُنة الله في خلقه. ولقد حبا الله الشيخ زيدًا أخلاقًا فاضلة، وصفات جميلة، ومشاعر نبيلة، وسجايا كريمة، وشهامة وكرمًا أصيلاً ملازمًا له منذ أن أطل بغرة وجهه على الدنيا حتى رحيله -رحمه الله-، كأنما خُلقت معه سجية الكرم والجود. كان يشعر بالسعادة والفرح والسرور والبشر عندما يستضيف الضيوف محييًا ومُرحبًا بهم. وينطبق عليه قول الشاعر:
يا ضيفنا لو زرتنا لوجدتنا
نحن الضيوف وأنت رب المنزل
وتجلّى كرمه في حفل مشايخ وأعيان قبائل خثعم عندما كانوا في ضيافته في شهر شوال 1439هـ. لقد كان حفلاً بديعًا مميزًا. وقد شهد بذلك كل من حضر هذا الحفل. ومن صفاته - رحمه الله - عزة في النفس، وحب للبذل والعطاء؛ لذا له محبة ومودة في النفوس، وله آثار طيبة وذكرى خالدة. ومن أمثاله إذا غابوا تتجدد ذكراهم مع الليالي والأيام والأزمان، خاصة من لهم مكانة في أسرته، وبين أفراد عائلته ومحبيه، بل في مجتمعه يكون فراغه أعمق حزنًا وألمًا وأبلغ تأثيرًا. ما أصعب فراق الأحبة على النفس! خاصةً مَن تربطه بك صلة قرابة وصداقة كما قال الشاعر:
وكل مصيبات الزمان وجدتها
سوى فرقة الأحباب هينة الخطب
فوجع المصائب على القلوب، ومفاجأة الأقدار، ورحيل من تحب عن الدنيا، وعن نواظر أسرهم وأبنائهم ومحبيهم.. يُحدث فراغًا واسعًا في محيطهم الأسري، وفي قلوب محبيهم، ومن لهم صلة بهم.. ولكن هذه سُنة الحياة كما قال الشاعر:
نبكي على الدنيا وما من معشر
جمعتهم الدنيا وما تفرقوا
كلنا راحلون من دار الفناء إلى دار البقاء، والبقاء لله - عز وجل - كما قال الشاعر:
وما الناس إلا راحل بعد راحل
إلى العالم الباقي من العالم الفاني
يا أبا محمد فقدك مؤلم ومحزن، لكننا راضون بقضاء الله وقدره. ولقد خلفت ذرية صالحة، وأبناء بررة، وأعمالاً جليلة، وذكرى حسنة، ومحبة ومودة في قلوب الناس.. سائلين الله -جل في علاه- أن يتغمدك بواسع رحمته ومغفرته، ويسكنك فسيح جناته، ويلهم أبناءك وبناتك وزوجاتك وإخوتك وأخواتك وذويك الصبر والسلوان.. ولا نقول إلا ما يُرضي ربنا {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}.
** **
- د. زيد بن علي الدريهم