عبده الأسمري
في حضرة «المجد» كان صاحب بصمة وفي حضور «الجد» ظل مالك همة.. ابن مؤسس ورفيق ملوك وسليل حكم.. من رعيل المؤثرين ومن جيل البارزين الذين صنعوا «النماء الوطني» وأسسوا «الانتماء القيادي»..
امتلك السياسة كتخصص واستشهد بالخبرة كخاصية ونازل المهام كأمير واستنزل الطموح كوزير.. فكان «زامر» الوطن الذي أنشد له «مواويل» الكفاح وعامر «المكان» الذي ملأه بموشحات «النجاح». إنه وزير الشئون البلدية والقروية الأسبق الأمير متعب بن عبدالعزيز -رحمه الله- الابن السابع عشر لمؤسس البلاد.. أحد أبرز أمراء الأسرة الحاكمة.
بوجه أميري تحفه علامات «الاتزان» وتملؤه مقومات «الاطمئنان» وعينان واسعتان وتقاسيم فريدة تشبه والده المؤسس وتتشابه مع إخوته مع ملامح طموحه يعلوها «الهدوء» وتؤطرها «السكينة « تستوطنها «ابتسامات الإنصات» وتميزها «اعتبارات الفكر»، ومحيا فاخر يستند على أناقة ملكية تتوشح البشوت الملونة وتعتمر البياض وهيئة وطنية تشع بالهيبة وتنبع بالسمو مع صوت خليط من لهجة أميرية ولكنة نجدية تتوارد منها مفردات القرار وتتقاطر منها عبارات التوجيه. قضى الأمير متعب من عمره «عقوداً» وهو يرسم خارطة «الإنجاز» بمداد «التخطيط» ويكتب لوحه «الاعتزاز» بسداد الرؤى.. أميراً ووزيراً ومشاوراً في محافل التنمية ومناسبات الاحتفاء.
في الرياض ولد وتفتحت عيناه على مراسم «التربية» في قصر والده وانفتحت نفسه على «مراسيم الحكم» في بلاط الملك.. وانخطف إلى مجاميع «الاستقبال» في حضرة أب حكيم علمه «تفاصيل الحنكة» ومفصلات «الحكمة» وأم رحيمة ملأت قلبه بمعاني «التفاني» موجها بوصلة «دوافعه» إلى مآثر إخوته «الملوك» الفضلاء مولياً قبلة «أحلامه» نحو أثر «أشقائه» الأوفياء فتكاملت في وجدانه «مكملات» الطموح.. فكان يراقب «موجهات السياسة» في خطابات والده و«اتجاهات الكياسة» في قرارات الدولة.. فنشأ بين «منابع» مفعمة بالإخلاص ونمى بين «مشارب» مترفة بالأمانة.. فنال «نصيباً» من حظوة «الملكية» وفاز «بحظوظ» من مغانم «الرسمية» فأكمل مربع «النماء والسخاء والصفاء والوفاء» في اتفاق أسري ونبوءة عائلية وضعته في متن «المشروع الفاخر» فكان حديث قصر الحكم وحدث احتفال البروز.
تشربت روحه نسائم «نجد» وتعتقت أنفاسه بعزائم «الوجد» فكبر ملازماً لإخوته مرافقاً لأشقائه.. وركض في القصور مرجحاً كفة «الإخلاص» مرشحاً صفة «النبل» كعنوان رئيس في سيرته وديدن أساسي في سريرته.
درس الأمير متعب في «معهد الأنجال»، ولأنه شغوف بالسياسة فقد التحق بالعلوم السياسية بجامعة كاليفورنيا وتخرج فيها عام 1372هـ.
وفي عام 1373 هـ عينه الملك عبدالعزيز أميرًا لمنطقة مكة المكرمة وفي عام 1375هـ عينه الملك فيصل وزيرًا للأشغال العامة ثم تم تعيينه وزيرًا للشئون البلدية والقروية، واستمر في منصبه حتى 1403 هـ عندما عيّن وزيرًا للمياه والكهرباء. وفي عام 1424هـ عاد وزيرًا للشئون البلدية والقروية والتي ظل بها حتى 1430هـ عندما استقال من منصبه.
يمتلك الأمير متعب -رحمه الله- كاريزما مشبعة بالود مسبغة بالتواد جعلته «عضداً» للملوك و»سنداً» للأمراء في ميادين «الشورى» و«مقامات التوصية»، فكان «وجه الخير» الذي برز في بشائر التنمية و«عنوان الثقة» الذي اعتلى «تفاصيل الأخوة».
توفي الأمير متعب -رحمه الله- في الخامس من ربيع الآخر الجاري بعد معاناته مع المرض عن عمر يناهز 88 عاماً ثم ووري جثمانه مقبرة العدل بمكة المكرمة.
رحل الأمير متعب بعد أن ملأ «فراغات» البدايات التنموية بحبر «الفكر» وسد «فجوات» الخطوات الأولى «بجبر» الصبر.. فكان من أوائل الوزراء المؤسسين والذين كتبوا «الملاحم» في ثوابت «التأسيس» وسجلوا «المطامح» في أسس «النواميس».
بين المكانة والتمكن ترك الأمير القدير والوزير الخبير متعب بن عبدالعزيز بصماته «ناطقة» في صدى «الذاكرة» «عابقة « في مدى «الاستذكار» بانياً «صروح» الأثر أمام بصر «الحقيقة» تاركاً له الشكر في سجلات «العطاء» والذكر في ثنايا «الدعاء».