عبدالرحمن بن إبراهيم أبو حيمد
تكريم المبدعين والمحسنين وأصحاب السير العطرة مبدأ ونهج سارت وتسير عليه دول العالم والمنظمات المعتبرة، وهم بذلك يقولون للمبدع أبدعت، وللمحسن أحسنت، وللآخرين احترموا هؤلاء وحاولوا إتباع سننهم وسيرهم، وبذلك يشعر المكرَّم بأنه موضع تكريم المجتمع والدولة، فيزداد عطاؤه، وغير المكرم يحاول الوصول إلى مستوى المكرمين.
حكومتنا الرشيدة -وفقها الله- منذ قيامها بقيادة الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل آل سعود -رحمه الله وأسكنه فسيح جناته- وإلى اليوم الذي يتولى دفة الأمور فيها سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله ومنحه الصحة والعافية- وولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز -أمده الله- بالصحة والتوفيق، وهي تُكرِّم من يستحق التكريم بوسائل عديدة تتناسب وحجم ونوع عمل المكرم، وهو نهج تُشكر عليه القيادة الحكيمة، ويقدر لها.
هذه المقدمة القصيرة عن التكريم، جاءت بمناسبة صدور الموافقة السامية الكريمة، بتكريم عدد من المساهمين بكفاءة عالية في خدمة المجتمع وأهله، ومنهم أخي الكريم، وصديقي الوفي الشيخ عبدالعزيز بن علي الشويعر. والشيخ عبدالعزيز غنيُ عن التعريف، فهو قامة من قامات المجتمع السعودي وصاحب نفس عالية، وقلب كريم، وشخصية مميزة، ولديه صفات عديدة جيدة أوصلته إلى ما وصل إليه. عندما يقرأ الإنسان سيرة المكرَّم يجد نبوغه من صغره، فروح المبادرة والمخاطرة وركوب الصعاب بدأت منذ تركه بلدته جلاجل، وذهب إلى شقراء بحثاً عن العلم، ثم توظفه في الدولة كموظف صغير والتدرج في الوظائف إلى أن وصل درجات جيدة فيها، ومستقبل جيد، ومع ذلك يترك الوظيفة الرسمية المضمونة ويختار العمل في القطاع الخاص بكل ما فيه من منافسة شرسة، وتحد كبير ومخاطر عديدة، وينجح في ذلك المجال نجاحاً كبيراً، ويبني ثروته من جهده وجهد أبنائه، وكما يقول الشاعر المتنبي:
على قدر أهل العزم تأتي العزائم
وتأتي على قدر الكرام المكارم
وتعظم في عين الصغير صغارها
وتصغير في عين العظيم العظائم
ولم تصرفه تجارته وأعماله عن أهله ومجتمعه ووطنه، بل يشركهم جميعاً فيما أعطاه الله من رزق، بجير المصاب، ويسدد عن المدين، ويساعد المحتاج، ويسهم في تنمية المجتمعات النامية، فيشيد المدارس والكليات، والمستوصفات، ويقيم ويدعم الجمعيات، ويطلق سراح المسجونين بتسديد ديونهم، ويعين المحتاجين على الزواج، ويوفر السكن، ويدعم المنشآت الصحية بما تحتاج إليه من الآلات والأجهزة والمعدات، ويرتب لزيارات من الأطباء المميزين إلى المناطق التي تحتاجهم، فيقدمون العلاج للمرضى، ويوفرون لهم عناء السفر والمشقة. ومع أننا لا نحتاج إلى أمثلة مما فعل ويفعل وقدم أبوزكي، إلا أن ذكر ما قدم لتجميل حديقة معهد العاصمة، وبلدية الملز، ورعاية الشباب، ومستشفى النقاهة، ودعم النوادي الرياضية، وصندوق البعثات، وجائزة التميز العلمي في جلاجل، وتبرعه لمكتبة الملك فهد، ومركز الأمير سلمان الاجتماعي، ومؤسسة الملك عبدالعزيز ورجاله للموهبة، وإقامة صالة متعددة الأغراض في شقراء وفي جلاجل، وغير ذلك من القائمة الطويلة لمساهماته ومشاركاته خير أمثلة على ما قدم وأعطى، وهو -حفظه الله- ينطبق عليه قول الشاعر:
حنا كما طير يخفق بجنحان
نقرب حواري رزقنا كل ديره
وإلا عطانا الله فلناب ببخلان
من رزقنا نرزق يدين كثيره
ومع مشاغله العديدة في عمله وتجارته، والاهتمام بأسرته، إلا أن ذلك لم يصرفه عن أداء واجباته كمسلم ورعٍ، فهو حريص كل الحرص أداء الصلاة في أوقاتها، وحضور الصلاة على الموتى، والمشاركة في عزائهم ومشاركة أهل المتُوفى مصابهم والتخفيف عنهم، وزيارة المرضى والمنومين والاطمئنان عليهم، ثم زيارته لكل صديق، لديه وقت أسبوعي للزيارة مثل معالي الدكتور عبدالعزيز الخويطر، والأستاذ والشيخ الكبير عثمان الصالح، والشيخ عبدالله بن عبدالمحسن بن ماضي وغيرهم -رحم الله من تُوفي، وأطال الله عمر من ما زال حياً- وهي سيرة مكلفة جهداً ووقتاً ولكن لها وقع وأثر كبير في نفوس من يزورهم.
أبوزكي -أطال الله في عمره- ممن فتح مكتبه للناس قبل استراحته ثم بيته ليستقبل من يزوره بوجه طلق، وبابتسامة عريضة ومحيا صادق تعبر عن صدق المشاعر والترحيب بالزائر.