إعداد - منيف خضير:
اقتضت حكمة المغفور له بإذن الله الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود -طيب الله ثراه- أن يستعين بعدد من الرجال النخبويين من الأقطار العربية المجاورة، وذلك لتميز هؤلاء من جهة ولشح الإمكانات البشرية في حاضرة نجد والحجاز والتي تتطلبها المرحلة السعودية المقبلة، وهي مرحلة بناء وتأسيس، ومرحلة انفتاح مع العالم الخارجي تتطلبه ضرورات الدول والتعاملات الدولية في مجراها السياسي والاقتصادي، فاستعان المؤسس -طيب الله ثراه- بعدد من المبدعين في مجالات عدة، وكان من تأثير وجاذبية المؤسس أن مكث العديد منهم في المملكة سنوات طويلة يخدم في عهود ملكية تالية لعهد المؤسس، وإضافة إلى هؤلاء استعان الملك عبدالعزيز بعدد من المؤهلين من أبناء المملكة أيضاً كمستشارين، كما قام بتأهيل العديد من الكفاءات السعودية لتسنم مواقع مهمة في بلدهم.
رشاد فرعون ثاني
وزير للصحة في المملكة
ولد في سوريا ودرس فيها الطب ثم سافر إلى فرنسا، ثم عاد إلى سوريا وعمل في الجيش الفرنسي، وكان قد اتصل بالطبيب مدحت شيخ الأرض -طبيب الملك عبدالعزيز الخاص-، فقدم إلى المملكة بدعوة منه، ووصل جدة عام 1936م، وقدمه الطبيب مدحت للملك الذي عينه طبيباً خاصاً للعائلة، ثم صار طبيباً خاصاً للملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه-، وحضر لقاء الملك عبدالعزيز التاريخي مع الرئيس الأمريكي روزفلت، عين بعد ذلك مستشاراً للملك ثم وزيراً مفوضاً في فرنسا، وبعد وفاة الملك عبدالعزيز عين رشاد فرعون وزيراً للصحة من عام 1953 حتى عام 1960م، وهو ثاني وزير للصحة في المملكة العربية السعودية، ثم عاد سفيراً في باريس، إضافة إلى توليه سفارة المملكة في مدريد، بعد ذلك عينه الملك فيصل مستشاراً في الديوان الملكي، واستمر في هذه الوظيفة في عهد الملك خالد وفهد -رحمهم الله جميعاً-، توفي في جدة عام 1410هـ -رحمه الله-.
حافظ وهبة مصمم العلم
حافظ وهبة، رجل خدم الدولة السعودية في بدايات تأسيسها، بعد حضوره إثر دعوة تلقاها من المغفور له -بإذن الله - الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن، فأصبح مستشاره وسفيره. ساعد على تطوير نظام تعليمي للدولة الناشئة، وألف كتابين يستند إليهما الكثير من الباحثين لأخذ معلومات تاريخية متعددة عن تلك المرحلة، ففي هذين الكتابين وثق رحلات الملك عبدالعزيز، وحياة العظماء من أبناء القبائل في الجزيرة العربية، وهو مصمم العلم السعودي.
بعد سنوات عاشها في الكويت تلقى حافظ وهبة دعوة من الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه-، وعينه مستشاراً سياسياً، ثمّ عينه فيما بعد في عام 1930م، سفيراً للمملكة في الدولة البريطانية، وهي الدولة التي نفته حكومتها من بلاده عند استعمارها مصر، وأصبح حافظ وهبة رسمياً أول سفير سعودي في بريطانيا.. وأثناء وجوده مع الملك المؤسس وثق حافظ وهبة التاريخ السعودي رواية من الملك المؤسس نفسه، وحقق بذلك أهم توثيق للتاريخ السعودي من خلال رجل المرحلة آنذاك.
عين حافظ وهبة كما ذكرنا سفيراً للمملكة في بريطانيا تحت اسم وزير مفوض سعودي في لندن في عام 1930م.
وحافظ وهبة هو أول من أسند إليه القيام على برامج التعليم المنظم في المملكة، وساهم في تصميم العلم السعودي تعبيراً عن وفائه للمملكة، وبالتالي تميز العلم السعودي بأنه العلم الوحيد في العالم، الذي لا يمكن تنكيسه لأيّ سبب وفي أيّ ظرف، لأنه يحمل الشهادتين. توفي الشيخ حافظ وهبة -رحمه الله- في مدينة روما عاصمة إيطاليا 1967م عن عمر يناهز 80 عاماً.
الشيخ يوسف ياسين أول رئيس تحرير لجريدة أم القرى
من المقريين للملك عبدالعزيز آل سعود وهو سياسي وأديب سوري رافق الملك عبدالعزيز رافق الملك في رحلته الأولى على ظهور الجمال عام 1343هـ، وألف بعد ذلك أشهر كتبه (الرحلات الملكية)، ويتضمن هذا الكتاب أربع رحلات ملكية قام بها الملك عبدالعزيز -رحمه الله- بين عامي (1343هـ - 1346هـ).
وكانت الرحلة الأولى من الرياض إلى مكة المكرمة، والثانية من جدة إلى المدينة المنورة، والثالثة من المدينة المنورة إلى الرياض، والرابعة من مكة المكرمة إلى الرياض. وهذه الرحلات الملكية تضيء لنا المزيد من جوانب شخصية جلالة الملك عبدالعزيز -رحمه الله- ومن خلال وصف مسيرة هذه الرحلات، وما تضمنته من عناصر، يتضح حرص جلالته على التزود بالعلم أثناء سفره، ودقة برنامجه -رحمه الله-.
والشيخ يوسف ياسين، الذي كان أول رئيس لتحرير جريدة أم القرى وأول مدير للمطبوعات ورئيس للشعبة السياسية واستمر مستشاراً للملك عبدالعزيز ثم الملك سعود -رحمهما الله-، تولى إدارة وزارة الخارجية بالنيابة، وشهد موقعة السبلة مع الملك عبدالعزيز، توفي في الدمام ودفن في الرياض.
فيلبي صديق المؤسس الذي أسلم وأدى فريضة الحج
وصل البريطاني جون فيلبي والذي حول اسمه فيما بعد إلى (عبدالله) إلى الرياض، وقابل هناك ولأول مرة ابن سعود، عبدالعزيز بن عبدالرحمن بن سعود. وعاش في قصره المبني من اللبن في الرياض مع جنوده وخدمه، ولم يكن مستشاراً بمعنى الكلمة، بل كان صديقاً يستأنس الملك عبدالعزيز برأيه، وبعد أن قام فلبي ببعض المهمات في كل من القاهرة وجدة والقدس، رجع إلى ابن سعود في خريف 1918 في مهمة جديدة، في نهاية عام 1931م استأنف فيلبي رحلاته في الجزيرة العربية، كانت تلك الرحلة، هي الأخيرة تقريباً التي استعمل فيها فيلبي الجمال، حيث تمت معظم رحلاته فيما بعد، باستعمال السيارات.. وفي إحدى هذه الرحلات، اصطحب زوجته معه، وكانت أول سيدة أوروبية تقطع الجزيرة العربية من البحر إلى البحر.
لقد دون فيلبي ملاحظات كثيرة عن كل رحلاته، وكانت كتاباته كثيرة جداً، وشاملة ودقيقة، في أوائل عام 1939م عاد فلبي إلى إنجلترا وانغمس في خضم الحياة السياسية وفي شهر ديسمبر عام 1939م رجع فلبي إلى الجزيرة العربية، وما أن وضعت الحرب أوزارها حتى رجع فلبي إلى الجزيرة العربية مرة أخرى ليستأنف أعماله التجارية وليعيش في منزله في كل من جدة ومكة والرياض وقد استمر في رحلاته الاستكشافية، وأصبح كثير الاهتمام بعلم الآثار، ويعود الفضل إلى فلبي في اكتشاف عدد من النقوش الثمودية في شمال الجزيرة العربية.
دولة الدكتور محمد معروف الدواليبي
سياسي سوري من أهالي حلب، تقلد عدة مناصب وزارية رفيعة في بلاده، التحق بخدمة الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه- ومات عن عمر يناهز 93 عاماً ودفن في البقيع في المدينة المنورة. عمل مستشاراً في الديوان الملكي السعودي منذ عام 1965م. ورئيساً لمؤتمر العالم الإسلامي.
رشيد عالي الكيلاني باشا (1892 - 1965)
رمز من رموز الوطنية العراقية، وهو سياسي عراقي شغل منصب رئيس الوزراء ثلاث مرات أثناء العهد الملكي في العراق حيث كان رئيساً للوزراء في الأعوام 1933, 1940, 1941م. واشتهر الكيلاني بمناهضته للإنجليز ودعوته لتحرير الدول العربية من المستعمر ولتحقيق الوحدة فيما بينها. لجأ إلى المملكة إثر اضطرابات سياسية في بلاده وبقي فيها إلى عام 1958م في خدمة الملك عبدالعزيز مستشاراً، مات في بيروت ودفن في العراق.
الدكتور عبدالله بن سعيد الدملوجي
طبيب عراقي درس الطب في الأستانة (إستانبول)، التحق بخدمة الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه- في الحرب العالمية الأولى عام 1914م، وأصبح طبيبه المقرب، واتخذه مع ابن ثنيان مستشاراً له في الشئون الخارجية، وقد كلفه الملك عبدالعزيز بالعديد من المهام السياسية كترسيم الحدود مع العراق والكويت، وحضر العديد من المؤتمرات، وأطلق عليه لقب (أمير الشئون الخارجية) وذلك بعد فتح جدة عام 1926م، فكان أول وكيل للخارجية، وقد رافق الأمير فيصل بن عبدالعزيز (الملك فيصل -رحمه الله- فيما بعد) في رحلته الثانية إلى أوروبا، انتدب لتمثيل الحكومة السعودية في مؤتمر حيفا لبحث موضوع سكة حديد الحجاز، وفي مطلع 1928م ابتعد عن خدمة الملك عبدالعزيز آل سعود -طيب الله ثراه-، بعد حياة حافلة. يصفه الريحاني الذي احتك به عن قرب بالخبرة الطبية أثناء الحروب. وأشرف على علاج الملك عبدالعزيز وذهب إلى الهند لشراء الأدوية وبعض المستلزمات العلاجية اللازمة لذلك. عاد إلى بلاده العراق وعمل وزيراً للخارجية، ولكنه قام بأعمال جليلة للمملكة منها إنشاء مديرية الخارجية (نواة وزارة الخارجية).
مدحت شيخ الأرض الطبيب الخاص للمؤسس والسفير المتنقل
عمل طبيباً خاصاً للملك عبدالعزيز آل سعود منذ عام 1346هـ ولازمه حتى وفاته، حيث عين بعد ذلك وزيراً للدولة وسفيراً للمملكة العربية السعودية لدى فرنسا وإسبانيا وليبيا وسويسرا التي بقي فيها كممثل السعودية لدى الأمم المتحدة بجنيف حتى عام 1990م.
خالد الحكيم في خدمة الملك عبدالعزيز
اسمه خالد بن ياسين بن محمد الحكيم، مهندس عسكري، من مفكري العرب ومجاهديهم. ولد بحمص وتعلم بالأستانة. وتولي أعمالاً في إنشاء الخط الحجازي. وقاتل الإيطاليين في طرابلس الغرب. ودخل في جمعية (الفتاة) السرية. ولحق بثورة (الشريف حسين) على الترك العثمانيين في الحجاز. وبعد معركة ميسلون في سورية أقام في شرقي الأردن. وحكم عليه الفرنسيون بالإعدام غيابياً. ودعي إلى الرياض فكان من مستشاري الملك عبدالعزيز آل سعود. وأقام في خدمته مدة طويلة، مرض في نهايتها ونقل إلى دمشق، فعانى المرض نحو عامين، وتوفي بها. وكان من أهل الحزم والكتمان، حلو الحديث، يحفظ كثيراً من شعر بشار بن برد. وله (محاضرات) نَشَرَت مجلة (روضة المعرفة) بالقدس.
الدكتور محمود حمدي أول طبيب خدم الملك عبدالعزيز
طبيب دمشقي الأصل والمولد، عمل مديراً للصحة في بلدية دمشق. التحق بخدمة الملك عبدالعزيز وهو في نجد، قبل دخوله الحجاز، وهو أول طبيب خدم الملك. ولما ضم الحجاز، تولى الدكتور محمود مديرية الصحة العامة، مثل المملكة في المؤتمر الصحي الدولي في باريس عدة مرات. واستمر إلى أن توفي في مكة عام 1361هـ - سبتمبر 1942م. نشرت مقالاته عن التوعية الصحية والأمراض في جريدة أم القرى والذي ولاه جلالة الملك عبدالعزيز شئون الصحة بالحجاز، وهو سوري من مدينة دمشق.
رشدي صالح ملحس الشخص الذي لا يستغني عنه الملك عبدالعزيز
رشدي صالح ملحس أديب كاتب وباحث ولد عام 1316 هـ - 1899م في نابلس في فلسطين وتوفي عام 1378هـ - 1959م استقر في السعودية عام 1926م بعد دعوة تلقاها من صديقه يوسف ياسين رئيس الشعبة السياسية بالديوان الملكي السعودي في الرياض لتولي تحرير جريدة أم القرى في مكة نال ثقة الملك عبدالعزيز حتى عينه نائباً ليوسف ياسين في الشعبة السياسية.
فؤاد أمين حمزة مكتبة متنقلة أوصلته لغته الإنجليزية للملك المؤسس
من أقرب المقربين للملك عبدالعزيز، مستشاره فؤاد حمزة، وهو باحث لبناني، كذلك نجد فؤاد حمزة كتب كثيراً عن الملك عبدالعزيز، وكان معروفاً، وكان رجلاً شديد الإخلاص للملك عبدالعزيز، وهو صادق وأمين، ومعروف هذا عند كل باحث سعودي، شارك في سياسة المملكة حوالي ربع قرن، التحق بخدمة الملك عبدالعزيز في الرياض عام 1926م، فعين مترجماً للإنجليزية عند الملك عبدالعزيز والتي يتقنها، ثم عينه الملك وكيلاً للشئون الخارجية، فأقام في مكة، ثم وزيراً مفوضاً في باريس وأنقرة، ثم استقر به الحال مستشاراً للملك عبدالعزيز، وقد زار بلداناً كثيرة، ثم مرض بالقلب ومات في لبنان، عرف عنه العمل الدؤوب، فما إن ينتهي من عمله الحكومي حتى يتفرغ للبحث، درس قبل وفاته آثار الجزيرة العربية قبل الإسلام، ومن كتبه (قلب جزيرة العرب) و(البلاد العربية السعودية)، و(في بلاد عسير).