د. محمد عبدالله الخازم
قبل عشر سنوات تقريبًا كتبت مقترحًا تأسيس معهد لتدريب المعلمين ونتيجة لحديث جانبي مع معالي نائب وزير التربية حينها الأستاذ فيصل بن معمر، تحمست لما هو أكثر من مقال صحفي فكتبت مسودة نظام للمعهد المقترح وبعثته لمعاليه عبر بريدة الإلكتروني، باعتباري صاحب خبرة في مجال التعليم الطبي والتطوير المهني وتأسيس الأنظمة. قبل عدة سنوات عندما أسس برنامج خبرات لتدريب المعلمين أعدت الكتابة عن المقترح، ونتيجة تواصل مع معالي وزير التعليم السابق، د أحمد العيسى، بعثت له نفس المقترح الذي بعثته قبل عشر سنوات حيث رأيت أنه ما زال صالحًا للتطبيق، وأبدى معاليه حماسه وروج لفكرة تأسيس معهد للتدريب - التطوير المهني للمعلمين في المؤتمرات الصحفية، على غرار معهد الإدارة كما كنت أشرت في مقترحي. وأخيرًا صدر نظام المعهد الوطني للتطوير المهني التعليمي، محور هذا المقال، بعد عشر سنوات ربما من الدراسة والتفكير!
المقدمة أعلاه إشارة إلى؛ أولاً، حق أدبي في طرح الفكرة بغض النظر عن تفاصيلها، وثانيًا، للتوضيح بأن ملاحظاتي تنطلق من رؤية سابقة للمعهد. بداية؛ سأتجاوز الاسم الطويل للمعهد الذي يتضح فيه نفس أكاديمي تقليدي في عنونة المشروعات البحثية، وكان يمكن الاكتفاء بمسمى المعهد التربوي أو معهد التطوير التربوي. وأبسط للقارئ بمحتوى فكرتي في حاجتنا لمعهد يعنى بتدريب المعلمين والمعلمات على رأس العمل واستخدام مصطلح تطوير مهني تعني ربط ذلك التدريب بمسيرة المعلم المهنية، بحيث يتم تنظيم التدريب وفق احتياجات أو مستويات مهنية، ويضاف إلى ذلك قيام المعهد بالدراسات والاستشارات المهنية التربوية باعتبار أساتذته سيكونون خبراء في المجال وإقرار الجمعيات المهنية للتخصصات التربوية. هذا ما يقوم به معهد الإدارة - باستثناء الجمعيات المهنية- منذ عقود في المجال الإداري.
المعهد الجديد وفق ما نشر سيكون مركز اعتماد أكثر منه منفذًا لبرامج التدريب، ولدي خشية من تحوله إلى مؤسسة بيروقراطية إضافية تختلط مهامها بين التنفيذي والتشريعي والرقابي. لقد برزت في صياغة مهامه مصطلحات مثل اعتماد ووضع ضوابط ووضع سياسات، وغابت تنفيذ برامج تدريبية حتى بدا وكأنه مرادف لهيئة اعتماد وتقويم البرامج التدريبية. بمعنى آخر، بدلاً من اعتباره معهدًا مستقلاً أو ذراعًا علميًا وتعليميًا وتدريبيًا لوزارة التعليم -كجهة تنفيذية- أصبح مطلوب منه التنسيق مع هيئة تقويم التعليم أكثر منه مع وزارة التعليم.
أقدر أهمية التعاون، لكنني ولورود التنسيق مع هيئة التقويم وقيامه بمهام هي من صلب مهام هيئة تقويم التعليم والتدريب أخشى الإخلال بمبدأ الفصل بين مهام الاعتماد - التقويم وبين المهام التنفيذية. كما أخشى أن يقود تركيز المعهد على أنه جهة اعتماد إلى إيكال التدريب بأكمله على القطاع الخاص وبالتالي تحوله إلى عمل تجاري مرهق ومكلف وربما بجودة أقل من المطلوب. ملحوظة أخيرة؛ وحتى لا يأتي من يقارن بأمثلة عالمية، فلسفة التدريب والتطوير تبنى كجزء من منظومة تعليمية كاملة والمنظومة التعليمية السعودية حسمت أمر التقويم والاعتماد بأنه من مهام هيئة تقوم التعليم والتدريب. هل سنؤسس معهدًا آخر يعنى بتنفيذ البرامج التدريبية التربوية على غرار معهد الإدارة في التدريب الإداري!