فهد بن جليد
بالأمس تحدثنا عن القصور المجتمعي في التوعية بأهمية التغذية الصحيحة والممارسة التغذوية في حياتنا، وكان الاقتراح بتفعيل دور التعليم التغذوي في المدارس. اليوم تخرج علينا دراسات جديدة، تؤكد أن تناول الوجبات السريعة يزيد من احتمال إصابة المراهقين بالاكتئاب المبكر، وهي حالة مَرضية، تتنامى مع زيادة العمر والاستمرار في تناول هذه الأنواع من الأطعمة ذات المستويات المرتفعة من الصوديوم والمنخفضة من البوتاسيوم؛ وهو ما يؤكد أهمية التوعية لمحاربة الأصناف الضارة، وضرورة وقف انتشار مطاعم الوجبات السريعة. أفضل أنواع المواجهة، وأنجع الحلول المقترحة، تكمن في الإقناع الذي يحصل معه تغيير السلوك، وخصوصًا في المراحل المبكرة من العمر. زيادة الأسعار وفرض الضرائب إحدى طرق المواجهة، ولكنهما ليسا الحل الوحيد. وهنا تتضح الأدوار غير الكافية والمفقودة للأسرة والمدرسة والإعلام.
مع فرض غرامات مالية على المطاعم التي لا تلتزم بالإفصاح عن السعرات الحرارية سألتُ أحد أصحاب محال الحلويات عن غياب «السعرة» مع السعر في «المنيو» الخاص بهم، فأجابني «لو كشفنا عن ذلك للزبائن لن يشتري منا أحد»؛ وهو ما يطرح سؤالاً عن جدية الخطوة، والرقابة التي غابت عن مثل هذه الأماكن التي هي أولى من غيرها بالكشف عن حقيقة سعرات وجباتها. كما أن المسألة تظل نسبية وغير دقيقة في تحديد عدد السعرات للوجبات والمشروبات التي يتم إعدادها وتحضيرها داخل المطاعم والمقاهي، التي تختلف مكوناتها ومقاديرها في كل مرة. وما زلنا نذكر تلك التقارير التي تحدثت عن كذب منتجات ومشروبات الدايت ومنزوعة الدسم التي تنتجها بعض شركات الأطعمة والأشربة؛ وهو ما يجعلنا أمام تحدٍّ أكبر في ضبط المسألة عند مطاعم ومقاهي الوجبات السريعة.
نحن بحاجة لحلول عملية وفاعلة، تساعد المستهلك البسيط في التسلح في هذه المعركة للدفاع عن صحته، بما يضمن سلامة الغذاء الذي يتناوله؛ فالعاملون في هذه الأماكن لا يملكون القدرة، ولا الأدوات الدقيقة في قياس المكونات في الوجبات والمشروبات ونِسَبها، التي تبقى عشوائية في تحضيرها؛ وهو ما جعلنا ضحايا لنوع آخر من الاستغلال برفع الأسعار، وإطلاق أسماء الحمية ومحاربة السمنة على بعض الوجبات المسببة لها أصلاً، التي لا يوجد دليل علمي أو حتى عملي يؤكد صحة نسبة السعرات في الوجبة الواحدة؛ وهو ما يعيدنا إلى مربع القصور المجتمعي في التوعية بأهمية التغذية الصحيحة، والممارسة التغذوية في حياتنا، الذي يتطلب خطوات جديدة ومغايرة في هذه المواجهة الحتمية.
وعلى دروب الخير نلتقي.