د.ثريا العريض
شعرتُ بالغبن كثيرًا لتشبُّث فيروس الإنفلونزا بجسدي؛ إذ حرمني طيلة أسبوعَيْن من الاستجابة لدعوات المشاركة في أنشطة إعلامية وثقافية مهمة، مثل مؤتمر «فكر 17» الذي أقامته مؤسسة الفكر العربي لأول مرة في داخل المملكة العربية السعودية في مركز إثراء الثقافي في الظهران, ومنتدى الإعلام العربي في الرياض, وورش عمل وزارية وفي القطاع الخاص.
كان من أسباب شعوري بالغبن الإنفلونزي أن مركز إثراء يبعد أقل من 300 متر عن منزلنا في الظهران، ولن يتطلب حضور المؤتمر سفرًا ولا مشقة وعثاء. وقد وصلتني الدعوة الكريمة من سمو الأمير خالد الفيصل، واستجبتُ لها بالقبول، وأكدت حضوري لمكتب سموه وللمشرفين في إثراء.. ثم حرمني فرصة أن أكون ضمن المحظوظين إنهاك الفيروس لي شخصيًّا, وعدم رغبتي في نشره بين مئات الحضور النخبة المدعوين.
إلا أن حصيلة الأسبوع في مشاعري لم تكن كلها حسرات وألمًا وأحاسيس فَقْد وضياع فرص مهمة للالتقاء بشخصيات ونخب قيادية في الساحة الثقافية والإعلامية المحلية والعربية.. جاءت أحداث أخرى عدَّلت مزاجي، وخففت وطأة الألم. فوز المنتخب السعودي على المنتخب القطري، وتأهلنا لنهائيات الكأس الخليجي التي احتضنتها دولة قطر، ومقابلة منتخب البحرين في النهائي، كان آخر ما رسم ابتسامة سعادة. أما أهمها حتى كتابة هذه المقالة فكان تحقيق اكتتاب أرامكو أضعاف ما توقع له المختصون. وكان حماس المواطنين ومسارعة أكثر من 4 ملايين سعودي وسعودية للمشاركة فيه أوضح بصمة ثقة بالرؤية الاقتصادية للقيادة ومشاريعها.
هذا الأسبوع يحمل أحداثًا لا تقل أهمية ولا بلاغة في توضيح موقع السعودية في محيطها القريب والعالمي.
اليوم 10 ديسمبر المبرمج له أن تُعقد قمة دول مجلس التعاون في الرياض. وقد وصلت دعوة خادم الحرمين الشريفين إلى كل قادة الدول الخمس الأعضاء للحضور رسميًّا, بما في ذلك دولة قطر؛ وهو ما يعطي مؤشرات بإرهاصات إيجابية قريبًا. ويعزز هذا الاحتمال كون السعودية والإمارات والبحرين سمحت لمنتخباتها بالمشاركة في المباريات لكأس الخليج في الدوحة، وأذنت لمواطنيها بالسفر إلى قطر عبر حدودها الذاتية لحضور المباريات.
لا تزال التفاصيل في طي المباحثات غير المعلنة, ونتأمل خيرًا أن قطر وافقت على مطالب الدول الأربع؛ لأن المستفيد الأبرز من قلق الجوار وإضعاف أمنه هي أنظمة إيران وإسرائيل وتركيا، وكلها أنظمة متغولة، تحلم بالهيمنة على المنطقة عبر إذابة هويتها العروبية تحت تبريرات تتدثر بالفوقية الإثنية والتاريخية المتوهمة، وشعارات الطائفية المثيرة للفتن والفئوية.
أدعو الله أن تعيد القمة الوئام إلى مجلس التعاون؛ لتعود الدول الست إلى البناء معًا، ووضع أسس مستقبل واعد بتحقيق الأحلام العامة.