قال تعالى: {فَإِذَا جَاء أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ} (34) سورة الأعراف، وقال الشاعر:
وكل أناس سوف تدخل بينهم
دويهية تصفر منها الأنامل
لا شك أن للوجع والألم والأسى وقعا وأثرا لا طاقة للقلوب والألسنة بتحمله، فلا النثر ولا الشعر ولا الرسائل تكفي لرأب صدع تلك القلوب المكلومة لفقد رجل بقامة المربي الفاضل والتربوي الخلوق الأستاذ عبدالله بن عبدالعزيز الرشيد (أبو عبدالعزيز) الذي يعد أحد أعمدة التربية والتعليم بمحافظة حريملاء، وأحد رجال المحافظة الذين يشار إليهم بالبنان، المشهود له بالكرم والحكمة ودماثة الخلق، مما جعل نبأ وفاته يوم السبت الموافق السابع من شهر صفر عام واحد وأربعين وأربعمائة وألف صدمة وخبراً نزل كالصاعقة على قلوب وعقول محبيه ومعارفه، وكل من تعامل معه أو جالسه، ففقيدنا الغالي كتب سيرته العطرة وحضوره المشرف طيلة حياته من خلال عمله معلماً ومربياً جهبذاً لعقود تاركاً بصمته الإيجابية في نفوس طلابه ومعارفه وأصدقائه، ولكون رحيله أدمى القلوب يستدعي للذاكرة قول الشاعر وقد صدق حينما قال:
وليست الرزية فقد مال
ولا فرس تموت ولا بعير
ولكن الرزية فقد حر
يحزن لموته خلق كثير
أستاذنا وفقيدنا العزيز يحمل من صفات النبلاء والوجهاء ما يجعل حصر شمائله مستعصياً في عجالة أو أسطر
معدودة، ولعل الشعر يكون ملاذاً لمشاعري وأحرفي التي أشعر أنها بلا شك ولا ريب قاصرة عن وصف ما يختلج في النفس وما يدور في خلدي من حزن وألم وأسى لرحيله الذي أوقد جذوة الحزن في قلبي التي ظلت خامدة بعد رحيل والدي، فرحيله جدد في قلبي ذكرى رحيل والدي -رحمه الله رحمة واسعة-، فكل من يعرف شخص أبي عبدالعزيز- غفر الله له وأعلى منزلته- يتبادر لذهنه قول الشاعر:
الناس منهم ألف كواحد
وواحد كالألف إن أمر عنى
فرجاحة العقل ورحابة الصدر وسمو النفس والخلق الرفيع والكرم وحب الخير والسعي لنفع غيره علامات فارقة في شخصية أستاذنا وفقيدنا الذي ستظل ذكراه خالدة وسيرته العطرة حية في قلوب الناس وكان بلسان الحال:
تولى وأبقى بيننا طيب ذكره
كباقي ضياء الشمس حين تغيب
فذاك رحيل مر وفقد موجع ووحشة في النفس تصيب الحلوق بالغصة، ولكننا نهرع بالسنة نلهج بالدعاء الصادق لرب الأرض والسماء أن يتغمد فقيدنا بالرحمة والمغفرة والعتق من النار، وأن يجعل مثواه روضة من رياض الجنة، وأن يجعله في الفردوس الأعلى ووالدي وأسأل المولى القدير أن ينزل على أولاده وزوجه الصبر والسلوان، وأن يجبر كسر قلوبهم لفقده وأن يبارك فيهم وأن يرزقهم بر والديهم، ولا شك بأن من ترك عقباً كابنه عبدالعزيز وإخوته ذوي المروءة والسمعة الحسنة حي لم يمت، والله إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن ولا نقول إلا ما يرضي ربنا سبحانه وتعالى و(إنا لله وإنا إليه راجعون).
** **
عبدالعزيز بن سليمان الحسين - محافظة حريملاء