محمد عبد الرزاق القشعمي
التقيت قبل أيام (صدفة) الأستاذ الدكتور محمد بن عبدالرحمن الربيع رئيس النادي الأدبي بالرياض (الأسبق) في مناسبة ثقافية فعلمت منه عن موعد تكريم الدكتور عبدالعزيز السبيل الذي سيقيمه النادي الأدبي بالرياض مساء الثلاثاء 29/3/1441هـ.
واتصلت بصديق الجميع الشاعر والناشر عبدالرحيم الأحمدي، والذي لم يكن على علم رغم علاقته الدائمة بالنادي ومسؤوليه وحضوره لبعض فعالياته، وأبدى استغرابه وامتعاضه، فهو مثلي وغيري كثير من المعجبين بنشاط الدكتور السبيل وما يقوم به من مهام ثقافية ناجحة لا ينكرها من له عينان ولسان وشفتان.
عندما قال لي الدكتور الربيع أن الكتاب المعد عن المناسبة في المطبعة قاطعاً طريق محاولة المشاركة فيه، أحببت ألا تفوتني هذه الفرصة. فمنذ عرفت الدكتور عبدالعزيز السبيل قبل أكثر من ثلاثة عقود وهو عضو بمجلس إدارة النادي الأدبي بجدة، ونشاطه الثقافي المتعدد من خلال الصحافة والإذاعة ومدرجات الجامعات من جامعة أم القرى بمكة إلى جامعة الملك عبدالعزيز بجدة وبينهما مشاركته في التدريس في جامعة إنديانا بالولايات المتحدة الأمريكية من عامي 1986- 1988م وهي الجامعة التي حصل منها على الماجستير والدكتوراه سنة 1411هـ- 1991م في الأدب العربي الحديث، مع تخصص فرعي في الأدب المقارن.
وكان أثناء عمله بجامعة الملك عبدالعزيز لم تشغله المهام الأكاديمية عن عضوية لجنة تطوير التعليم الجامعي في كلية الآداب، إضافة لريادته للجنة الثقافية في الكلية، وعضوية مجلس الكلية ورئاسته لقسم اللغة العربية وعضوية لجان أخرى مثل لجنة البحوث ولجنة الترجمة وفي عضويته للنادي الأدبي بجدة كان ممن اقترح وأسس لمجلتين علميتين أصدرهما النادي هما (نوافذ) التي تعنى بترجمة الأدب العالمي ودورية (الراوي) وهي تعنى بالإبداع القصصي في الجزيرة العربية. مع شغله نائباً لرئيس تحرير صحيفة (سعودي جازيت)، وقد قام بالاشتراك بترجمة قصائد من كوريا، وتاريخ كمبرج للأدب العربي الحديث، تحرير وترجمة، والثقافة عبر الترجمة: القصة القصيرة نموذجاً.
انتقل لجامعة الملك سعود فواصل نشاطه أستاذاً بقسم اللغة العربية، ومستشاراً للبرامج الإنسانية بعمادة الدراسات العليا، ولجنة الأدب والنقد، ورئيس لجنة تطوير الخطة الدراسية.
عين في عام 1426هـ- 2005م وكيلاً لوزارة الثقافة والإعلام للشؤون الثقافية -متزامناً مع تعيين الأستاذ إياد مدني وزيراً لها- فحرك المياه الراكدة وأبدع في إدارته وتوجيهه للمشهد الثقافي بالمملكة بشكل عام، وما قام به من مجهود يشهد له من تطوير وتحسين وضع الأندية الأدبية وإدخال العنصر الشاب من الجنسين لمجالها، ومعارض الكتب وما يصاحبها من نشاطات ثقافية مختلفة ومد جسور التواصل مع المؤسسات المعنية بالداخل والخارج، وبعد ست سنوات يطلب إعفاءه لينتقل إلى وزارة التربية والتعليم، ثم يختار ليعين أميناً عاماً لجائزة الملك فيصل العالمية.
وأخيراً رئيساً لمجلس أمناء مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني.. وما زال السبيل على نشاطه المعهود منذ صغره فهو نموذج للمواطن الصالح، وهو المعجون بتراب هذا الوطن إذ ولد بالقصيم وتربى وتعلم بالغربية وعمل بها وبالوسطى، وطاف أنحاء الوطن، فكل أبنائه إخوانا له. بل أصدقاء فهدفه خدمة وطنه ومواطنيه، وقد وفق -ولله الحمد- بنجاح تأدية ما يوكل إليه من أعمال علمية ثقافية بشهادة الجميع، ومع ذلك لم يسلم ممن يضع العصي في عجلات العربة ومن أقرب زملائه بدعوى تداخل المسؤوليات وغيرها من أعذار واهية، واتهم بدوره التغريبي عندما فتح الباب لدخول المرأة مجالس إدارة الأندية الأدبية، ومزاولة النشاطات المسرحية والفنية والموسيقية بالأندية والجمعيات أقول إن السبيل موفق دائماً فالنجاح حليفه لأنه صادق مع نفسه ومع الآخرين فهو يعمل بالنور واضعاً نصب عينيه خدمة مجتمعه متخطياً العقبات البيروقراطية بثقة ووعي وإدراك. وما شهدناه خلال السنتين الأخيرتين من نشاط في جائزة الملك فيصل، سواء في عقده للمؤتمر السنوي الذي يجمع المسؤولين وأمناء الجوائز الأدبية العربية تحت سقف واحد، إضافة لتعاونه مع معهد العالم العربي بباريس من ترجمة متبادلة بين الأدب العربي في المملكة والأدب الفرنسي وغيره..
وختاماً اشكر النادي الأدبي بالرياض على مبادرته وتكريمه لمثل هذا الرجل فمثله يكرم ويبرز نشاطه ليكون قدوة ونبراساً لنا جميعاً فالكل يشهد له أنه أيقظ المؤسسات الثقافية من مرقدها ووضعها في مضمار السباق -سباق المسافات الطويلة- ولا أنسى الأفاضل مسؤولي النادي الدكاترة: محمد الربيع وعبدالله الحيدري وصالح المحمود وشكرهم على هذا الجهد بدءاً بإقناع الرجل وموافقته على التكريم الذي أسعد الجميع لجدارة الرجل بالاحتفاء بإخلاصه وجهوده المباركة والمعبرة عن وطنيته الخالصة، وإيمانه بدور الثقافة والمثقفين في أبراز الوجه المشرق التي تتمتع به بلادنا من المشاركة العالمية في مجال الإبداع والفكر.
وأخيراً أقترح أن تقوم جريدة الجزيرة (الثقافية) بإصدار ملف خاص بتكريم الدكتور السبيل لإتاحة الفرصة للمؤسسات الثقافية والمثقفين الذين لم تتح لهم الفرصة للمشاركة في هذا التكريم للإدلاء بشهاداتهم وإبداء مشاعرهم نحو رجل كان عوناً لهم على أداء رسالتهم الإبداعية ودعمهم لمسيرة العمل الثقافي في بلادنا والذي ما زال الدكتور السبيل مواصلاً مسيرته الجادة والواعية في هذا المجال، وما زالت بصماته واضحة في جبين إشراقة الوجه الثقافي لبلادنا وتكريمه تكريماً لنا جميعاً.