يقول الفيلسوف «ماركوس غابرييل»: لماذا نصرّ على صنع روبوتات بشرية؟! وقد أجابا بإسهاب على هذا التساؤل، الذي توالت الإجابات عنه وعن أسئلة متفرعة منه ومشابهة له في مؤلفات، لا تزال تلاحق عناوينها وتسعى مضامينها إلى اللحاق بالتحولات المعولمة المتدفقة ذكاء اصطناعياً، الثقافة مكون رئيس في صناعة بنياته.
لذلك لم يكن اللقاء التلفزيوني مع الفتاة الروبوت (صوفيا)، يثير دهشة لكل من لديه إلمام بحروب الجيل الرابع «المعلوماتية»، وما يعنيه طرفاً هذا المصطلح، وما يمد عناصر صناعات هذا الجيل من: زمن ميدياتيكي، ومكان افتراضي متجول، وكائنات رقمية (افتراضية/ ما بعد الافتراضية)، وغيرها من عناصر (الغرفة الكونية)، التي فسرها بعد ذلك مارشال ماكلوهان بنظريته الشهيرة: (الوسيلة هي الرسالة)، إلا أن الملفت في ذلك اللقاء التلفزيوني ما يتصل بهوايات صوفيا، التي قالت عن أبرزها: أن تكتب أولى رواياتها، التي حددت عنوانها سلفا بـ: «الروبوت والبشر في مستعمرة المريخ»، لى أنها -أيضاً- قالت: إن مما تهواه الغناء! ومن يدري ربما شاهدنا قريباً مسابقات إبداعية في الشعر والسرد، وأخرى فنية لهذه الكائنات الجديدة؟!
لهذا لم تعد (الرواية الإلكترونية)، التي عرفناها منذ عقد تقريباً، تحمل أي دهشة، لمتابعي الفضاء الرقمي، وما تشهده بيئته من تدفق (معلوماتقني)، لما أصبحت تشكله خصوبة «طقسها»، من بنيات متدفقة لـ»قواعد البيانات»، التي جعلت من الروبوت الابن الذي أنجبته، والذي يحمل الجينات كافة، التي تؤهله للقيام بأدوار لا متناهية عبر قواعد البيانات التي وصفها «بروس ويليامز»، بقوله: ربما نفكر أن ننتهي من عد محتوى قواعد البيانات متى أدركنا ما نحتاج إليه من وقت لعد النجوم!؛ لذا لم يعد النقاش اليوم لدى أهل الاختصاص يعنى بالنص الإلكتروني، أو التفاعلي، أو الفائق، إذ أصبحت البحوث التي تعنى بدراسة الأبعاد (الثقافية) لدى الأفراد، ومراكز البحوث والدراسات تبحث في بنيات ثورات الذكاء الاصطناعي، وتسعى جاهدة إلى أن تفسر بـ(النظريات العلمية)، ظواهر (التشبيك)، بين المكونين: الاجتماعي، الثقافي، بوصفهما قطبي هذه البيئة، التي وصف «مانوفيتش»، رقمنتها، بقوله: «إنها (كائنات) ثقافية بامتياز!».
* قال حمار توفيق الحكيم: متى ينصفني الزمان فأركب، فأنا جاهل بسيط، أما صاحبي فجاهل مركب! فماذا عساه أن يقول حمار «صوفيا» الرقمي؟!
** **
- محمد المرزوقي