عطية محمد عطية عقيلان
عند اختيارنا للملبس أو المأكل في الغالب لا نعتمد على أنفسنا في اتخاذ القرار بل نستعين بالآخرين أو البائع أو مقدم الخدمة ليقدم النصيحة والاختيار الأنسب، ويكون رأيهم مؤثرًا لا سيما إذا كنت برفقة زميل أو صاحب خبرة في المجال الذي تريده.
- فإذا أردت شراء سيارة تلجأ إلى البحث والتقصي وسؤال من له خبرة ودراية بالماركة التي ترغبها واللون والمواصفات المناسبة، وتتأثر بحكمه ووجهة نظره.
- وفي السفر للسياحة تبحث عن تجارب وقصص الآخرين لتقرر الوجهة المطلوبة، ويؤثر فيك التقييم الذي يوضع للفنادق من قبل غرباء عنك لا تعرفهم بل هي مجرد تعليقات وأرقام تقييم ولكنها مؤثرة في اتخاذ قرارك.
- وعند التجمع مع الزملاء في المطعم نؤثر في اختيارات بعضنا لا سيما عند تجربة أحدهم وتأكيد (الجرسون) له.
ففي ممارسة حياتنا اليومية وخياراتنا وطريقة عيشنا نتأثر كثيرًا بآراء وخيارات الناس الآخرين، رغم عدم معرفتهم (في كثير من الأحيان) حتى أننا نردد مقولة (اسأل مجرب ولا تسأل طبيب)، بل إن عبارة من «خبرتي» و»تجربتي» و»معرفتي السابقة» كلمات مؤثرة وفعالة في الحديث مع الآخرين والتأثير عليهم وتغيير قناعاتهم وقراراتهم (إلى حد ما)، بينما في علاقاتنا وحياتنا العملية لا نطبق المشورة والنصح والسؤال والاستفادة من خبرة الآخرين وتجاربهم وخصوصًا الوالدين لمعرفة من نصادق أو نزامل؟ ويشتكي أو يعاني (أغلبنا) بسوء معاملة البعض ونكران المعروف من الأصدقاء والزملاء والأقارب، وتلونهم وعدم تقديرهم لوقتك وجهدك وأحيانًا ما تدفع من مالك ويتناسون مساعدتك في كل وقت، ودومًا نرى أننا المظلومون، ونحن شهود عيان لمئات القصص من معايشاتنا وحديث الآخرين عن معاناتهم في العلاقات، مع الأخذ في الاعتبار أن كل طرف يرى أنه المظلوم وأنه من تعرض للنكران والأذى وسوء المعاملة والخذلان من زميله أو قريبه لأننا دومًا نبرر أخطاءنا ونستصغرها (أنا.. غير) ولا نطبق ذلك مع الآخرين. فلكي نكون أسعد وأعدل وأكثر صحة في علاقاتنا لنطبق قاعدة ذهبية وهي (عامل الناس بما تحب أن يعاملوك به) بعيدًا عن تضخيم الآنا (بتبرير ما تقوم به) مع التماس الأعذار وتفعيل باب التغافل والتسامح والمعاملة باللين، مع التأكيد على أن صفات وردات أفعال الناس متباينة ومختلفة وأنك مهما بلغت من الذكاء والقوة والغنى لا تستطيع أن توجد أناسًا بحسب التفصيل الذي تريده، لذا لنفعل مبدأ التغاضي والتجاوز عن الأخطاء الصغيرة علمًا أننا جميعًا نؤمن أن الكمال لله وحده سبحانه وتعالى، ولنتصرف وفق مبادئ اللين والتعامل الإيجابي وبث روح التفاؤل وتقديم يد المساعدة على قدر المستطاع للجميع (كمنهج حياة) بعيدًا عن تقييم أنه يستحق أو لا، مع الابتعاد والتخفيف من الناس المحبطين والمتشائمين والسلبيين وكثيري الخلاف والأخطاء والتشاحن في حياتك، فأغلبنا إذا مر بتجربة سيئة مع وكالة سيارات أو فندق أو مطعم لا يكرر التجربة، فلنفعل ذلك في علاقاتنا ولنتمسك ونبقي في حياتنا كل مقدم معروف وإيجابي ومحفز وملتمس الأعذار ونمارس معه أقصى درجات التغافل والتسامح واللين، فكما نلوم أنفسنا ولا نرضى عنها في بعض القرارات فما بالك بالآخرين، لذا حافظ على كل من سبب سعادة أو قدم مشورة أو فزعة أو مساعدة دون أن ينتظر مقالها، ولنكن إيجابين في تفسير ودعم وتحفيز الآخرين دون البحث على من يكونوا فقط بحسب مقاسك لأن تضييع وقتك وانتظارك سيطول ولن تجد سوى (نفسك وما تحمله من أنا) بانتظارك.