فهد بن جليد
خطيب الجُمعة الذي نتمنى رؤيته وهو يصعد أهم (منبر أسبوعي)، يلتف الناس حوله بكل أطيافهم وطبقاتهم مُنصتين وخاشعين مُستعدين لتلقي النُصح والإرشاد وتعلم ما يُفيدهم في دينهم ودنياهم، عليه أن يخرج من عباءة (المهنة) التي يرتديها بمُتطلباتها (كموظف) يُمارس عمل روتيني يقتضي عليه أجراً، ليؤدي رسالته التنويرية والتنموية للسلوك والعقل وتغذية الروح، فخطاب الجُمعة من أهم وسائل توعية المجتمعات التي عرفتها البشرية، والذي نتطلع اليوم لاستثماره وتجديده ليعود على مُجتمعنا بالخير والفائدة المُرتقبة من هذا (اللقاء الأسبوعي) الذي نتميز به عن غيرنا من الأمم، كمحطة دورية نفيسة للمُراجعة والتقييم، تغذية للروح والنفس، وتقويماً للسلوك البشري بتهذيب الأخلاق الحميدة وتعزيزها، وتوعية الناس وتذكيرهم وتبصيرهم بأفضل الطُرق والأساليب الرشيدة والصحيحة للتعامل والتعاطي مع مُستجدات واقعهم المُعاش المُتقاطع مع تحديات عصرهم، بما يعود عليهم وعلى أوطانهم ومُجتمعاتهم بالخير والنماء.
خُطباء الجُمع من أهم المؤثرين الاجتماعيين الذين ينتظر منهم تأدية رسالتهم بشكل فاعل في مجتمعاتهم، بتجديد خطابهم حتى يتناسب مع احتياج الناس الحقيقي وواقعهم، وهذا دور كبير تضطلع به وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد في تأهيل وتدريب الخطباء ليتناسب طرحهم واختيارهم للموضوعات مع ما يمسُّ حياة الناس الآنية، بالبعد عن رتابة الطرح والأسلوب، ولا شكَّ أنَّ الوزارة مُدرِّكة لذلك ولديها برامج ودورات وخطط تطويرية نتمنى مُضاعفتها والإسراع بتنفيذها.
ما أودُّ طرحه هنا، أنَّ خطبة الجمعة تختلف عن غيرها من المنصات بالانتظام في الوقت الدوري والثابت لها، وبالهيئة والآداب الخاصة بها، وقدسية المكان الذي تُلقى فيه، فالجميع يأتون لها عبادة وامتثالاً مُستعدين للفهم والإدراك والاستيعاب، فلا أحد منهم مهما بلغ علمه أو منصبه أو تخصصه غنياً كان أم فقيراً سيتعالى وهو يجلس بين يدي الله، مُنصتاً للخطيب الذي يُفترض أنَّه يُقدم تأصيلاً شرعياً وتغذية روحية لما نعيشه في حياتنا اليومية بأحداثها وتطوراتها المُتسارعة، وهو ما يُضاعف المسؤولية والدور المُرتقب لتأثيرها في مجتمعاتنا.
وعلى دروب الخير نلتقي.