ميسون أبو بكر
لم يكن منتدى الإعلام السعودي الذي احتضنته الرياض مؤخراً مجرد منصة لجلسات حملت مواضيع مهمة تواكب المشهد الإعلامي العالمي وإرهاصات العالم الرقمي ما بعد الإلكتروني الذي هدد وسائل الإعلام التقليدية، بل كان أيضاً تظاهرة إعلامية جمع تحت قبته أكثر من ألف إعلامي وإعلامية من المشاركين والحاضرين الذين قدموا من دول العالم المختلفة، وعقدوا لقاءات جانبية مثرية وحوارات امتدت ليومين وأسست لعلاقات وشراكات ممتدة.. كما أيضاً كان من ثمار هذا المنتدى الجائزة التي انبثقت منه وستكون سنته السنوية ولن ينسى الحاضرون أبداً حفلها البهيج الذي كرم الفائزين بها وأبى إلا أن يكون منصة لتكريم مجموعة من رواد الإعلام السعودي، سواء الحاضرين بيننا أو الذين غيبهم الموت في لفتة رائعة وعميقة الأثر وفِي ليلة أبهجت قلوبنا بما استحضرته من أعمال إذاعية وتلفازية وصحافية مايست وجداننا وأخذتنا في رحلة تزيد عن سبعين عاماً، في استحضار أشخاص حفروا عميقاً في الذاكرة، وكان لتلك الليلة وهجها فقد أسعدتنا بكل تفاصيلها وبالفن الشرقي والأوبرالي الذي حضر يدغدغ ذائقتنا بلوحات غنائية تسمر الحاضرون أمامها في دهشة ورغبة ألا يتوقف.
قاعتا أرامكو والدرعية امتلأتا بالحضور، بل غصتا به والذي كان من أجيال مختلفة، فمن طلبة الإعلام في المراحل الجامعية إلى عمالقته الذين تشرفنا بلقائهم في المنتدى ومنهم الكاتب الذي أجمعنا على حبه سمير عطاالله صاحب الحرف الرشيق والمقال الصباحي الذي يطير إلينا عبر الصحيفة الخضراء من مدينة الضباب وعبر قوافل الحبر.
الكتّاب والصحافيون والإعلاميون والسفراء ومعالي الوزراء كانوا شركاء في المشاركة بجلسات متنوعة ناقشت عدداً من المواضيع المهمة بعضها وضع النقاط على الحروف وبعضها الآخر ترك زخماً من الأسئلة يتداوله المشتغلون في الإعلام في نقاشاتهم ومقالاتهم.
قرع بعض المشاركين الجرس في جلساتهم؛ فمعالي د. ماجد القصبي أبى إلا أن يكون استثنائياً كعادة حضوره، تكلم بشفافية عن منجزات وزارته وبلغة الأرقام، وعرض نماذج للتطور التجاري والاستثماري في المملكة، سواء من شركات محلية أو استثمارات أجنبية، وعبر عن تفاؤله بإعلام أقوى مما هو عليه يوضح حقيقة المشهد الاقتصادي السعودي ويقدمه للعالم.
معالي القصبي الذي اتخذ من كلمات والده -رحمه الله- والذي كان أول سعودي حصل على درجة الماجستير في الإعلام من الخارج في الأربعينات -خارطة طريق- في عمله الوزاري، حيث عول كثيراً على الإعلام واتخذه قناة تواصل.
المدينة الإعلامية التي بشر بها معالي وزير الإعلام تركي الشبانة أبهجت الإعلاميين الذين تاقوا طويلاً لمثل هذه الخطوة والتي هي ضرورة حتمية في ظل ترأس المملكة لمجموعة العشرين كونها الوحيدة عربياً في المجموعة العالمية وهي اليوم بؤرة صناعة القرار العالمي، والإعلام سيكون رسالة للعالم أجمع.
جميل الذيابي الذي تعتز به الصحافة السعودية كأهم روادها أكد على الثالوث الذي هو أساس الصحافة «الأسبقية- المصداقية- المهنية» وعلى أهمية وجود ميثاق شرف إعلامي، كما ضرورة توثيق وجود الصحف في المنصات الرقمية.
النسبة التي وضعها الذيابي لمستخدمي تويتر في المملكة وهم 41 % من مستخدمي الإنترنت نسبة تستدعي التوقف واستثمار هذا الكم.
د. علي الموسى وورقته التي عنونها بـ«الموت» كان لها أصداء استمر مناقشتها بين الحاضرين على مدى اليومين.
كتب سمير عطاالله قبل البارحة «ثمة فخامة عامة سيطرت على أجواء المنتدى صمتا وتصريحا» وتطرق لعراب الصحافة السعودية الصحافي الشجاع خالد المالك بأنه أحد رموز الازدهار الورقي.. الكثير من البهجة والكلمات يضيق بها عمودي الصحفي، لكن سيبقى للحديث بقية وللمنتدى أصداؤه ولو بعد حين.