د.محمد بن عبدالرحمن البشر
العالم خلال عشرين عشرين، ربما يكون بطابع آخر غير ما عهدناه، فالولايات المتحدة مقبلة على انتخابات رئاسية، وستحدد الحزب الجمهوري بقيادة الرئيس الأمريكي الحالي ترامب، أو أحد منافسيه في الحزب، وإن كانت فرصهم محدودة، أو يكون الفوز للحزب الديموقراطي، وهناك أكثر من منافس على رئاسة الحزب، ولا يبدو حتى هذا الوقت أن ناخبي الحزب قد أجمعوا أمرهم على واحد من عدد كبير، فهناك تقارب لدى بعض المرشحين، كما أن استطلاعات الرأي تشير إلى فوز أحدهم بولاية معينة، رغم أنه لا يحظى بقبول لدى الناخبين على مستوى الولايات المتحدة مجتمعة.
أمريكا، هي أقوى دولة في العالم، عسكرياً، واقتصادياً، وعلمياً، وتأثيراً في المسارات السياسية العالمية، وكلنا نعرف أن الحزبين المتنافسين الجمهوري والديموقراطي يختلفان في نظرتهما السياسية والخارجية وأساليبهم في تسيير الاقتصاد، والولايات المتحدة الأمريكية تعيش أفضل حالاتها الاقتصادية في الوقت الحاضر، مما جعل الحزب الديموقراطي في حملته الانتخابية يتجنب الحديث بكثرة عن الاقتصاد، وإذا أراد نقداً للمسار الاقتصادي فإنه يشير إلى أن هذا الارتفاع في النمو الاقتصادي، والارتفاع في أسعار الأسهم، وانخفاض البطالة، وتوفر الوظائف، وغيرها من المؤشرات الاقتصادية إنما يصب في صالح الأغنياء، بينما لا يحصل متوسطو الحال والفقراء إلا على قدر يسير.
في السياسية الخارجية، لكل حزب نظرته وأسلوبه، والرئيس الأمريكي الحالي رأى أن من صالح أمريكا إعادة النظر في بعض الاتفاقات العالمية والثنائية، فقد تمت صياغة اتفاقية جديدة مع كندا والمكسيك، وانسحبت الولايات المتحدة الأمريكية من اتفاقية باريس المتعلقة بالبيئة، كما أنها الآن بصدد الوصول إلى اتفاقيات جديدة مع الصين.
لقد استخدمت الإدارة الأمريكية العقوبات الاقتصادية كوسيلة ضغط للحصول على ما تظنه اتفاقاً غير منصف مع الصين والاتحاد الأوروبي، وما زالت متمسكة بهذا النهج مع التفاوض، وعدم قطع الحبل الممدود، فهي تعلم أن اقتصادها أكبر اقتصاديات العالم، وسوقها أكبر سوق منتجات هذه البلدان، لذلك فلا بد لتلك الدول من مواجهة الحقيقة للحفاظ على نمو اقتصادها، والرفع من دخل مواطنيها.
واستخدمت أيضاً العقوبات لأغراض سياسية، كما فعلت مع كوريا الشمالية، وبعض بلدان أمريكا اللاتينية، وإيران التي تعتبر خطراً على المنطقة.
لا شك أن استمرار الرئيس الحالي على رأس إدارة الولايات المتحدة يعني استقرار ذلك النهج، وإن فاز الحزب الديموقراطي فربما يكون هناك تغيير ما في السياسة الخارجية، لاسيما مقدار العقوبات مع الاستمرار في دعم الحلفاء، أما السياسة الداخلية، فقد تشهد تغيراً ملموساً في المجال الاقتصادي والمهاجرين.
بريطانيا أو المملكة المتحدة، ستشهد في 12 ديسمبر هذا العام انتخاب رئيس الوزراء، ونتيجته سوف تؤثر على مستقبل المملكة المتحدة وأوروبا، وقد تصل نتائجه في تأثر وحدة المملكة المتحدة، فرئيس الحزب الاسكتلندي قد وعد بأنه سيدعو إلى استثناء في حال خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي، بعد عشر سنوات من تاريخ الاستفتاء، وهذا يعني الشيء الكثير بالنسبة للمملكة المتحدة وأوروبا، وقد يكون ذلك طريقاً للفعل ذاته من قبل دولة أوروبية أخرى.
الاتحاد الأوروبي منح بريطانيا مميزات تختلف عن غيرها، فقد احتفظت بعملتها الجنيه الاسترليني، وهذه ميزة كبيرة، لكنها رأت أن ذلك لا يكفي، وأن هناك تدفقاً من دول الاتحاد الأوروبي إلى بريطانيا للاستفادة من سوقها النشط، وأن قبول بعض مواطني أوروبا الشرقية بأجور أقل بكثير من المواطن البريطاني، حرمت الشباب البريطاني من فرص العمل، رغم أن نتائج الاستفتاء السابقة الخاصة بالخروج، أظهرت أن غالبية الشباب يرغبون البقاء في الاتحاد الأوروبي، بينما كان كبار السن يطمحون إلى الخروج منه، مدفوعين باعتدادهم بوطنيتهم، وتاريخهم المجيد، وإمبراطوريتهم السابقة التي لا تغيب عنها الشمس فيما مضى.
النفط، قد لا يواجه انخفاضاً حاداً، وربما لا يواجه ارتفاعاً حاداً، ويبقى متراوحاً حول حدوده السعرية التي يحوم حولها منذ أشهر، وهناك عدة عوامل قد تؤثر في اتجاهه السعري منها العقوبات التي تفرضها الولايات المتحدة على الصين، ومدى الوصول إلى اتفاق يساعد على معدل النمو العالمي، لأن تخفيف العقوبات أو إزالتها يعني زيادة معدل النمو مما يؤدي إلى زيادة الطلب على النفط، وعامل آخر هو ارتفاع إنتاج الولايات المتحدة من النفط، الذي أخذ بالتسارع ووصل إلى نحو ثلاثة عشر مليون برميل يومياً، وهذا جعلها الدولة الأولى في الإنتاج لاسيما أن تسارع زيادة الطلب على النفط داخلياً يكاد يكون ثابتاً، وهذا يعني دخولها بقوة إلى السوق العالمي، إضافة إلى عامل آخر مهم، وهو رجوع دول منتجة بمقدار كبير مثل ليبيا إلى قدراتها الإنتاجية السابقة، مما يؤدي إلى مزيد من ضخ النفط وهذا بدوره قد يؤثر على الأسعار، إذا لم يجاريه طلب عالمي قوي.