أ.د.عثمان بن صالح العامر
نظَّمت (هيئة الصحفيين السعوديين) منتصف هذا الأسبوع (منتدى الإعلام السعودي الأول - صناعة الإعلام.. الفرص والتحديات)، سجّل في هذا المنتدى ما يربو على الـ4000 إعلامي وكاتب ومهتم، وتحدث فيه عدد من الخبراء والقادة البارزين والمؤثِّرين في صناعة الإعلام العالمي، وممثلي وسائل الإعلام العربية والدولية، ونوقشت فيه عدد من القضايا الإعلامية المحورية، الحالية منها والمستقبلية، المحلية والعالمية. وكان لحديث معالي وزير الإعلام الأستاذ تركي الشبانة في الجلسة الحوارية (الإعلام السعودي والمرحلة الجديدة) وقعه الخاص، وبعده المجتمعي الواضح، الأمر الذي جعل ما أدلى به وبشّر محل اهتمام الجميع، وحديث الوسط الإعلامي على وجه الخصوص، خاصة ما تعلّق منه بإقامة المدينة الإعلامية السعودية في غضون الأسابيع القليلة القادمة، وكذا إطلاق عدد من القنوات والإذاعات الجديدة على المستوى المحلي بحيث يكون لكل منطقة قناة تلفزيونية وأخرى إذاعية خاصة بها.
بعد هذا التصريح ثارت الأسئلة في النفوس: ترى هل سيكون هناك تدرج في التطبيق أم أن ثلاث عشرة قناة ستنطلق دفعة واحدة؟ ما هو المحتوى الإعلامي الذي سيميز كل منطقة عن الأخرى؟ وما هي الأبعاد المجتمعية والمعالم التنموية التي سيكون التركيز عليها أكثر من غيرها؟ إلى غير ذلك من الأسئلة المفصلية والمهمة التي جزماً لم تغب عن ذهنية الوزير ومستشاريه. ولا أكتم القارئ الكريم سراً أن البعض أبدى تخوفه من أن هذا الكم الهائل من القنوات المحلية الجديدة سيجعل هذه القنوات تكرر نفسها، وسيُفقد المحتوى الإعلامي الجيد والهادف الذي يعكس الصورة الحقيقية للتنمية الشاملة والمتكاملة التي وصلت لها مناطقنا السعودية، فضلاً عن أن هذه القنوات ستدخل في منافسة حقيقية مع القنوات المملوكة للقطاع الخاص سواء السعودي منها أو الخليجي والعربي، بل وحتى العالمي فضلاً عن قنوات (الإعلام الجديد) الشخصية المعروفة، وربما ستخسر القنوات الرسمية هذه التابعة لوزارة الإعلام المنازلة والمعركة، لسهولة إدارة الأخيرة، (الشخصية) واتساع رقعتها، وإمكانية توظيفها ببساطة، فهو إعلام يعتمد بشكل مباشر على (شخص واحد) يمسك بيده (هاتفاً ذكياً) ولديه (حس إعلامي)، فـ(السنابي) أو (المغرِّد) أو (المدوِّن) ينقل لنا نحن المتابعين لحسابه الشخصي أولاً بأول وعلى الفور وبصورة تفصيلية ما يراه متوافقاً مع ميوله، ويحقق له الشهرة والوصول إلى أكبر عدد من المشاهدين، ولو عُملت استبانة عامة من قبل المختصين بالإعلام لاستطلاع الرأي المحلي العام لوجد أن الغالبية العظمى اليوم من العامة فضلاً عن النخب تستقي الأخبار المناطقية، وتقرأ الآراء الشخصية لمثقفي مناطقهم في مواقع التواصل الاجتماعي وعبر الحسابات الشخصية لا الرسمية كما هو معلوم.
إن هذا المشروع الوطني الواسع كما هو عنوان المنتدى (فرص تعتمد على جودة الصناعة الإعلامية) وفي ذات الوقت (تحد حقيقي) يتطلب التدريب المكثّف لإعلاميي المناطق المرشحين للانخراط في منظومة العاملين في هذه القنوات والإذاعات، فضلاً عن وجود لجان استشارية مناطقية مستقلة ومتنوِّعة المشارب والمرجعيات؛ وذلك من أجل رصد وحصر المنجز التنموي، والتراث الثقافي، والمميز السياحي، والمنزع الاجتماعي، وما إلى ذلك، حتى يتسنى لإعلامنا السعودي المحلي المناطقي المنتظر الانطلاقة القوية، ولضمان الاستمرار الطويل، وتقديم المادة الإعلامية الجيدة المفيدة والهادفة والماتعة الخفيفة في ذات الوقت.
أسوق هذا الرأي الشخصي لعلمي اليقيني أن معالي وزير الإعلام المتميز معروف عنه الترحيب بكل قول يُراد منه تحقيق الصالح الوطني، مع واجب الشكر والتثمين والتقدير لمعاليه الكريم، ولهيئة الصحفيين السعوديين، والمتحدثين، والمشاركين، والحضور، والمسجلين، على هذا المنجز الوطني المتميز بحق والذي يتطلع الجميع أن ينعقد كل عام، ودمت عزيزاً يا وطني، وإلى لقاء، والسلام.