فيصل خالد الخديدي
مرت الفنون التشكيلية المحلية كمثيلاتها في البلدان العربية بعدة مراحل نمت وتطورت وما زالت في ارتقاء وإن كانت تأخرت في الحضور والوجود عن بدايات الفنون التشكيلية عربيًا إلا أنها تقريبًا سارت في الطريق نفسه ومرت بذات المراحل في سعي تلقائي لتأسيس حراك ذي أصالة ومعاصرة وخصوصية ومرتبط ومتصالح مع سياق الظاهرة التشكيلية المتسارعة الحركة على المستوى العالمي، فجاءت مرحلة البدايات بجهود ذاتية من الفنانين ممن كانوا يمارسون الفن بدافع فردي وهواية دون أن يكون هناك من يرعى شؤونهم بصفة رسمية، وفي هذه المرحلة كان البحث منصبًا على الذات والهوية المحلية.
كما حضرت شيء من الدهشة للمدارس الفنية الأوروبية، فظهرت أعمال فناني البدايات بين موضوعات محافظة تستلهم الزخارف والتراث وتحاكي الواقع وبين أخرى أكثر حداثة وسعيًا لما يرونه من مدارس فنية، في اتجاهين متمايزة بين حداثي وتقليدي، إلا أنهما سعيًا إلى الخروج من الأمية البصرية التي كانت موجودة، وإن كانت الحداثية منها أكثر خروجًا بالفن عمّا كان يمارس عليه من تحريم ومحاربة واتهام بالتغريب.
وفي المرحلة الثانية جاءت جهود بسيطة لبعض المؤسسات الثقافية والفنية والتعليمية لدعم الممارسة التشكيلية المحلية وصاحبها شيء من الانفتاح والخروج بالفن من الأطر الضيقة التي كانت تفرض عليه ولكنها مرحلة شهدت مقاومة بأسلمة الفن ودعوات لتأصيل الهوية العربية والبعد عن التغريب حتى من الفنانين أنفسهم.
أما المرحلة الثالثة فكانت أكثر انفتاحًا في التعاطي مع الممارسة التشكيلية ولعل الانفتاح على العالم من خلال وسائط التواصل والإنترنت كان له دور كبير في هدم كثير من الأسوار بين الممارسة التشكيلية المحلية ومثيلاتها على المستوى العربي والعالمي ووجود بعض الجهود المنظمة للمؤسسات الثقافية والفنية صنع شيء من الحراك والتنظيم ولكنه لا يزال دون المأمول.
أما المرحلة الرابعة وهي مرحلة اقترب فيها الفن من المجتمع في خفوت لأي سلطة على الفن إلا الفن والتسويق له وأصبح مرتادو الفعاليات التشكيلية من الطبقة فوق المتوسطة وتسويق الفن أصبح أكثر احترافية وتوجيهًا لموضوعات الأعمال وفعاليات الفنون التشكيلية مع حضور جيد للمؤسسات الثقافية والفنية الرسمية والخاصة وهي المرحلة الأكثر خروجًا بالمنجز المحلي للمشاركات العربية والعالمية.