خالد الربيعان
جاء في قصص الحكيم «أيوب» أن أحد البخلاء كان يخفي أمواله - وكانت كنزًا كبيرًا من عملات الذهب - أسفل جذع شجرة، وكان يأتي كل ليلة ليحفر حتى يجده، ينظر له طويلاً، ويطمئن عليه، ثم يذهب! اكتشف الكنز أحد اللصوص المتابعين لهذا البخيل، ثم سرقه. جاء صاحبنا اليوم التالي فلم يجد كنزه. صرخ، وتجمع الناس حوله؛ ليجدوه جاثيًا على الأرض يبكي ويندب!
أحد الناس سأله: هل أنفقت منه شيئا؟! قال البخيل: لا، كنت آتي لأطمئن عليه فقط. أحد الحكماء من الرجال رد عليه الرد الساحق الماحق الخارق معًا: إذن تعال غدًا وانظر في الحفرة بعد أن تملأها بالحجارة، فكنزك لم يكن أكثر فائدة منها!
والمعنى: إن المال وإن كثر لا فائدة مرجوة منه إذا لم يؤدِّ وظيفته! بتيسير الحياة على صاحبه، وشراء الضروريات، وتسيير الأمور! وهو ما تؤكده الحكمة أيضًا: «أكثر المتضررين من البخيل هو نفسه التي بين جنبيه»؛ لأنه لا ينفعها، بل يضرها ببخله وبعيشه عيش الفقراء!
إذا أردت أن تحذف كلمة «البخيل» من الفقرة السابقة في كل موضع، وتضع مكانها «دانيال ليفي»! رئيس نادي «توتنهام» فلن ألومك! فالرجل مثال حي لكل ما قيل، وهي إحدى آفات أن يكون مالك النادي هو مديره ومسيّر أموره! لأنه يجد صعوبة شديدة في الإنفاق من ماله؛ وبالتالي لن يتقدم هذا النادي أبدًا. «ليفي» أحد رجال الأعمال «اليهود»، وهو سبب كافٍ لتفسير سلوكه هذا. ونوادر هذا الرجل كثيرة، منها أن الرجل قبل سنوات كان يمنع اللاعبين من تبادل قمصان النادي مع لاعبي النادي المنافس بعد المباراة! كان اللاعب يجد في كشف راتبه أنه قد تم خصم 200 يورو؛ لأنه استبدل 4 قمصان!
إحدى النوادر أيضًا أنه اشترى أحد المهاجمين النجوم من نادي روما بعد مفاوضات استمرت ساعات، أرهق فيها اليهودي خصومه الطليان! بعد الصفقة ذهب مع اللاعب الجديد إلى المطار ليفاجأ اللاعب بأن رئيس ناديه الجديد «ليفي» يجري ليلحق بالطائرة، فاستفسر منه عن ذلك، فقال إنه يجري كي يلحق «مكانًا في الطائرة»! لأنه يركب الطائرة الأرخص في أوروبا أو Easy jet أو الطيران الداخلي لدول اليورو!
توتنهام مع ليفي انتقل من نادٍ «عادي» لأحد كبار البريمرليج، بكل موضوعية، ولكي لا نظلم الرجل، ولكن «توتنهام» لم يحصل على بطولة منذ عقود؛ والسبب هو عدم الإنفاق «بما يوازي الطموح»! فكان أقصى الإنجازات الوصول لوصيف دوري الأبطال بعد ريمونتادا تاريخية أمام أياكس! ولكنك لن تستطيع مناطحة ليفربول «كلوب» ونجومه في النهائي إلا بنجوم مثلهم، و»لهم أثمانهم»!
أسلوب ليفي «البخيل» جعل «بوتشيتينو» المدرب الأرجنتيني المقال يهمل في تدريب النادي ليأتي بالنتائج السيئة، مثل الهزيمة بالسبعة من بايرن في لندن، وخسارات أخرى بثلاثيات وثنائيات في الدوري، ومن كل الفرق، الصغيرة قبل الكبيرة! أغلب الظن أن «بوتشيتينو» فعل ذلك عن قصد؛ لكي تتم إقالته؛ حتى يتسلم الشرط الجزائي البالغ 15 مليون باوند! لأنه لو كان قد استقال من تلقاء نفسه لم يكن ليرى جنيهًا واحدًا من ليفي!
وهو الموقف الذي تغلب فيه الأرجنتيني على «البخيل» بذكاء، وإن كان النادي قد تضرر، وبالأخص مشجعوه في إنجلترا وحول العالم.. كانوا ينتظرون الفوز في المباريات، بينما «بوتشيتينو» كان يخسرها، ويركز في مباراة واحدة فقط «خارج الملعب».. مباراة مع «ليفي».. انتهت بفوز الأرجنتيني الداهية عن جدارة!
الـ«سبيشيال»!
أول مباراة لمورينهو مع ناديه الجديد توتنهام: أثبتت أن المدربين الآن أداة تسويق.. مثلهم مثل اللاعبين تمامًا! كمية كاميرات غير طبيعية. أكبر عدد من الصحفيين والتقارير المقدمة منذ فترة طويلة، كلها تتحدث عن عودة السبيشيال وان. إذن المدربون في عصر التسويق الرياضي هم «نجوم»، وأدوات للتسويق، وإكساب البطولات شعبية وشهرة!
وجود جوارديولا ومورينهو وكلوب وغيرهم جعل مباراة البريمرليج تساوي 10 ملايين دولار، أي 37 مليون ريال، ثمن المباراة الواحدة! وهو ثمن أزيد بـ 3 أضعاف من أي مباراة لأي دوري آخر، بما فيها الإسباني والألماني والإيطالي!