شريفة الشملان
أسبوع مر على مقالي الماضي، كنت قد نويت إكماله عن المدارس الأهلية، والحديث عنها ذو شجون، ولكن خلال الأسبوع أشياء كثيرة حدثت وتجعل الكاتب الأسبوعي يحتار كخراش الذي تكاثرت عليه الضباء فلا يدري أيها يصيد.
منها ما يتعلق بالصحة العامة والبلديات، ومنها الطرق الطويلة، واتساع رقعة الوطن، واختلاف الأجواء، وأسعار الطيران المبالغ فيها، منها الشجن الكبير وهو استعمال اللغة الأجنبية بدلا من لغتنا وسبق أن كتبت لكن لا يفي الأمر مقال ولا صحائف.
الحدث الذي طغى على الساحة العامة هو الغش بالسجائر وحشوها بنشارة الخشب بدلا من أوراق التبغ، قسما لا أكره شيئا مثل كره السجائر ورائحتها، كان لوجود مدخنين في أسرتي ألم ووجع نهش قلبي دوما.
كان لي حظ كبير أن عائلتي الصغيرة خالية من التدخين، بل وممنوع التدخين لمن يدخل بيتنا.
موضوع التدخين والسجائر المغشوشة يعيد التذكر بالخمر وتناوله. حيث كان دائما ممنوع، وعندما شدد على دخوله وصناعه المتسترين، من ابتلوا فيه لجأوا لاستعمال الكلونيا والتي أدت بحياة البعض أو بإعاقة لهم كفقدان البصر. أظن ذلك حدث في ستينات القرن الماضي. ومن ثم الخوف جعلهم يقلعون عنه.
السجائر والكتمة وتسارع الأنفاس واحتمال كبير للإصابة بسرطان الرئة، كل ذلك مع النوبة الكبيرة لغش السجائر يجعل لابد من التوبة عنه، تركه.
ماذا يعني أن يخلو وطننا من التدخين، نظافة وصحة وجو نقي.
لقد سهلت السينما بالكثير من الدعاية للتدخين خاصة في بدايات القرن الماضي وحتى السبعينات، يضيق صدر البطل وتهرب منه حبيبته فنجده يمسك السيجارة وربما معها كأسا من الشراب، يريد أن يفكر بعمق يمسك السيجارة، هو سعيد ويتجول ماسكا يد حبيبته وبالفم سيجارة، ناهيك عن الدعايات الكبيرة وأشهرها الدعاية للممثل مارلون براندو مع استغلال النساء الجميلات والمزوقات في الدعايات.
في داخل الأسرة يرى الفتى أباه يدخن فيتخيل لذة ما يفعله، لذا فهو سيبحث عنها خارج البيت أولا، مرة يجربها ومرتين حتى تتمكن، ويكبر تنمو لحيته، وهناك شيطان يوز في إذنه ((إنه رجل)) فيجاهر.. فيبدأ ذلك يستولي على ماله وصحته ويكثر المدخنون كلما دخل فوج جديد. المسألة لم تبقَ على الذكور فقط، بل دخلت النساء فرحات مستمتعات بهذا وكأن الحرية هي العبث بالصحة وتلوث للجو، وامتلأت المقاهي بالمدخنين للشيشة والمدخنات، وزاد الطين بلة السماح بذلك من جهة حكومية وهي البلدية، التي المفروض بها حماية الناس والمال ونظافة الأرض والهواء، لكن حب أخذ ضريبة على المقاهي التي تسمح بالشيشة فيها أن تدفع ضريبة أكثر. وسكوت يشبه تواطؤ من وزارة الصحة.
مقابل هذه الضريبة كم سنخسر، لنحسبها جيدا. كم يكلف مريض الرئة والتنفس، وعندما يتطور الأمر لسرطان الرئة. سيكون الأمر مؤلم للأسرة كلها، وعلاجه كبير وكثير يستنفد طاقات، فكم سيعيق العمل وكم ستصرف أموال على ذلك.
الآن ها هي فرصة أتت لتركه، والبحث عن سبل علاج إدمانه، وذلك عبر حملة وطنية كبرى وأول ما نبدأ بالوزارات الحكومية تصدر وزارة البلديات أمرا بمنعه في كل الأماكن العامة وأولها المقاهي، لا يمكن المزايدة على صحة المواطن ولا الصحة العامة.
يخسر الاقتصاد السعودي الكثير بسبب استيراد السجائر وهو بلا مردود، فقط للنظر للكميات المشتراة كم يبلغ سعرها وكم تكلف جيب المواطن العادي على حساب بيته ومستقبله.
نحن لا نستزرع أنواعا جديدة من الأشجار مهمتها تنقية الجو فتكبر المساحات الخضراء. لا نهجن زهورا لتعبق جونا عطرا بل سموما تفتك ورائحة قبيحة وأعقاب سجائر نستورد من أجلها عمالة تنظف خلفهم.
إنها الفرصة أتت ليكره المدخنون هذا البلاء وتنظف أجسامهم وتنظف البلد كلها.
لذا نحتاج حملات وطنية كبيرة للتخلص من هذا الداء، حملة في كل مدرسة وصف وفي الأسواق والطرقات.
يا من يرقصون ويغنون لحب الوطن عمموا حملات ضد التدخين ليكن وطننا أجمل وأنظف وأخضر..
فحبا في الله أوقفوا التدخين..