أحلام الزهراني
(ما دمتِ على قيد الحياة فالأمل موجود).. منذ زمن قيلت هذه العبارة، ولكن ما زالت عالقة بالذهن، وهي أساس بداية كل هدف أضعه نصب عيني. تلك العبارة أطلقتها معلمتي ردًّا على سؤال إحدى زميلاتي، مضمونه: هل انتهى الأمل يا معلمتي؟! كان السؤال مليئًا بالانكسار الذي يصعب ترميمه إلى أن كانت تلك العبارة أسرع من الضوء الذي تفوق سرعته جميع الأشياء؛ ليعيد روح التفاؤل، ويشعل شغف الحياة (اللامتناهي)؛ فمواقف الحياة لا بد أن تفقدنا التفكير في الغد، وتجعلنا نرضخ للسلبية دون النظر للحياة بعيون إيجابية، وبأن القادم أجمل، وأن لكل نهايات عظيمة بدايات تشبعت بالفشل والانتكاس.. فمن فقد الأمل فقد الحياة.. فلنعقد صفقة مع الأمل؟!
لتشرق شمس صباح كل يوم جديد فنخبرها بأننا مَن نرسم البدايات، ونحن مَن نلون نهايتها كيفما نريد.. لنحقق تلك الأهداف المدونة بأوراق صغيرة، والمخبأة بأدراج الأمنيات بعيدة المدى.. أي نعم هلكنا ونحن نسعى لها، ولم تتحقق، وتطيل الأيام أكثر مما نتوقع، ولم نصل، ولكن الله سبحانه وتعالى لم يضع بقلوبنا شيئًا إلا وهو يعلم أننا قادرون على الوصول إليه وتحقيقه. ولعلنا شارفنا على ذلك.. فلنحيِ الأمل، ونكمل طريقنا، لننظر من الجانب المعتم بدلاً من الجانب المضيء؛ لنجرب التبديل في كل أمور الحياة: الأماكن، الأفكار والأشخاص، حتى وإن كنا لا نريد ذلك لنفعل؛ ليشع نور حياتنا..
لنتناسَ أو لننسَ الماضي الهالك لأرواحنا والنازع لأفراحنا، والقاتل لأجسادنا.. لنحيِ الحاضر الذي سيكون ماضيًا في المستقبل؛ ليصبح مشرفًا ومشرقًا.. لنجرب؛ فالتجارب هي التي ستعلم. لا بأس، سنخطئ، ثم نحاول، ثم نخطئ، ثم نحاول، ثم نخطئ، ثم نتعلم؛ فلا معنى للحياة إن لم يكن بها الجرأة والشجاعة في خوض التجارب، بل هي المعركة الذاتية الحقيقية للنجاح.. لنمحُ كل تلك الخيبات التي أماتت ما بداخلنا من ثقة وابتسامة وأمل، ولنقتل اليأس الملازم لكل خطوة نخطوها، الذي يرجعنا للخلف إن تقدمنا للأمام، وكأنه يأبى لنا التقدم للأفضل، وكأنه يريد لنا الخلود في ظلمته.. لنصبر على ما أصابنا من مرض أو فقد أو ألم، بل لنحزن ولنبكِ ولنذرف دموعًا حتى الارتياح، ودون الرغبة في طلب النجدة.. يأتي الأمل كطوق نجاة لينقذنا من رحى التشاؤم والبؤس..
ليحاولوا أن يفسدوا أفراحنا، وليبدعوا في النقد كيفما أرادوا، ولنجعل كل ما يقال خلفنا جسرًا نعبر منه للوصول إلى وجهتنا الحقيقية.. لنزرع الخير، ولنترك أثرًا في طريق أولئك العابرين؛ ليعود ذات يوم بكل ما هو جميل.. لنترك عبارة أملنا الوحيد؛ فهي منبع القلق النفسي والشعور بنهاية العالم إن لم يتحقق ذلك الأمل الوحيد، بل العالم مليء بالآمال؛ فإن قُتل أملٌ خُلق أملٌ آخر.. فلنتألم كثيرًا؛ فبعض الألم يخلق أملاً كبيرًا، والأمل يصنع المستحيلات.. فلنفتح نافذة التفاؤل، ولنعقد صفقة مع الأمل؟!
ومضة
العمر، التعليم، الوظيفة.. كل تلك الأشياء لها نهاية إلا الأمل؛ فإنه لا نهاية له.. فلنزرعه في طريقنا دومًا، ونروِه بالتوكل على الله، ثم السعي والعمل والجهد المتواصل نحو ما نريد؛ لنصل ونحصد ثمار التحقيق للأمنيات غير المحدودة؛ ليضيء حاضرنا، ويشرق مستقبلنا.