رمضان جريدي العنزي
الأحزاب والمليشيات والتكتلات والجماعات ما حلت في بلد إلا وأتعبته، أنهكت قواه وعاثت فيه خرابًا وفسادًا ودمارًا، وأخذته نحو التيه والضياع، وزرعت فيه الكراهية والطائفية والعشائرية والمناطقية، كل ذلك على حساب التلاحم الوطني والتنمية والنماء والاستقرار والازدهار، أن الأحزاب والمليشيات والتكتلات والجماعات لا تبحث إلا عن مصالحها وامتيازاتها ومكاسبها، على حساب الوطن والشعب والبناء والتقدم، بل تريد أن تخضع كل الناس لإرادتها ومبتغاها وسيطرتها وتوجهاتها، كيفماء تريد وتشاء، وحسب ما تريد وتشاء، القائمون عليها والمسؤولون يريدون حمايته أنفسهم، ولا همهم المواطن الآخر، ينادون بالحريات ورغد العيش والتنمية والعطاء، وينتقدون بكثرة، ولا يعجبهم العجب، وينظرون بلا حد كأحسن ما يكون التنظير، وإذا ما تمكنوا من الإمساك بدفة القيادة، فعلوا عكس ما يقولون، حصنوا أنفسهم، وأفادوا بعضهم البعض، كثفوا الأخذ والتحصيل، وملؤا الخزانة والجيوب، واستأثروا بالمكاسب والامتيازات على حساب الآخرين السذج الذين كانوا يصفقون لهم ويرقصون ويرفعون الرايات، نجاحاتهم العلمية والعملية صفر على الشمال، ولا يستطيعون أخذ زمام السبق والمبادرة، حماقاتهم السياسية كبيرة، وأفكارهم يختلط فيها الحابل بالنابل، لا ينهضون بالمتطلبات العامة، لكنهم ينشؤونها وفق نظرياتهم ومقاساتهم، استبداديون بالقرار، وعندهم دهاليز بالفكر، وظلامية بالعقل، وبؤس بالثقافة، عندهم انتكاسات مرة، ولديهم قدرة فائقة في سرد المبررات الواهنة، وصنع المصائب والمصدات والعوائق، ينطلقون من سذاجة، وتبلد حسي، ولا يردون الجميل لمن أسدى لهم الجميل، وعندما تشب النار لا يحاولون إطفاءها، بل يصبون عليها الزيت لإشعالها واستمرار توقدها، إنهم معتدون يعتدون على الوطن والأرض والشعب والثروة والحضارة، بل يفرطون بالسيادة والأمن والممتلكات، ينساقون وراء عواطفهم وطمعهم، ويغضون الطرف عن الانتكاسات والسقوطات التي يفتعلونها، يمتهنون الاصطياد في المياه العكرة، ويرفضون الصيد في المياه العذبة، متقعرون ويجيدون اللف والدوران، يريدون فقط أن يبنوا مجدًا على حساب الآخرين، من خلال المراوغات وحبائل البهت وطلاسم الغباء، يشيعون الفتنة، ويزرعون البغضاء، ويحرضون على الفصام، بين أبناء البلد الواحد، إن أكبر الشواهد على ذلك ما يحدث في العراق ولبنان وليبيا، التي أصبحت ساحاتها نتيجة فعل هذه الكيانات التخلفيةمليئة بالحرق والدم والهدم والتحجر والخرافات والانتكاسات الكبيرة، بعيدًا عن الخطاب التوحيدي البليغ في جمع الكلمة والهدف ووحدة المصير المشترك ورص الصف وتلاحم الجمع، والتوعية بالمخاطر والتوجيه الفعال في الحفاظ على وحدة التراب وكيان الوطن، إن هذه الكيانات تفت بالعضد، وتمزق النسيج، وتهدم البناء، وتحدث الثغرات في جدار التلاحم الوطني، تصريحاتها خطيرة، ومواقفها غامضة، وترهن أنفسها لدول ومجاميع أخرى، وما حلت في بلد إلا وأهلكته، وجعلته في ذيل الركب التقدمي والحضاري والتنموي والاقتصادي، وجاءت بالويلات والمصائب، والنكسات المتتابعة، كونهم متشنجين ومتأزمين، ومواقفهم باهتة، لهذا فإن هذه المجاميع لا تأتي أبدًا بالرخاء على الأوطان، بقدر ما تأتي عليها بالويلات والشرور، ولهذا كرهها الناس، وهتفوا ضدها، ومزقوا صور رموزها، بعد أن تكشفت على حقيقتها، وبانت عوراتها، وأهدافها وتوجهاتها البغيضة، وظلامها المقيت، وكهوفيتها الرجعية المليئة بالكهنوتية البغيضة، وطلاسم الفكر والعمل التي تخدم أجندات وإستراتيجيات خارج حدود الوطن، وتطلعات الأمة.