د. عبدالرحمن الشلاش
التحريض لمن لا يعرفه يعني الحث. له وجهان أحدهما في الخير مثل تحريض الرسول صلى الله عليه وسلم للمؤمنين على القتال في بدايات تأسيس الدولة الإسلامية لكن هذا النوع قليل. التحريض الآخر هو الشائع في وقتنا الراهن وهو تحريض على الشر وفي سبيل تدمير المجتمع. المحرضون منتشرون في مواقع كثيرة منهم من يظهر باسمه ورسمه والغالبية بأسماء مستعارة في مواقع التواصل وفي المجالس المغلقة وخلف الكواليس يتحركون مثل خفافيش الظلام وقودهم الحقد والحسد وتمني زوال النعم.
أساليب المحرضين إطلاق الشائعات وتلفيق التهم والانتقاص من المخالفين لهم والهجوم عليهم ووصل الأمر لتجريدهم من دينهم وأخلاقهم ومبادئهم وحتى وطنيتهم غير مهتمين بما يسببه تحريضهم العفن من آثار نفسية واجتماعية على المحرض عليهم وخاصة الأبرياء منهم.
بلا شك أن من أسوأ الأمور أن تكون محرضا على وطنك ومجتمعك وأبناء جلدتك بدوافع معظمها ذاتية أو انتصار لجماعة أو توجه منحرف أو سلطة أو مال أو شهرة. أغلب المحرضين يقتنصون بعض الوقائع يحاولون من خلالها دغدغة مشاعر البسطاء وذوي الظروف. تنكشف سوءة المحرض أمام من لديهم وعي عندما يحاولون مستميتين إلصاق التهم بالغير وحبك القصص الخيالية البعيدة عن الواقع والتدليس والكذب وتحميل الأمور ما لا تحتمل في محاولة لشحن البسطاء وضعاف العقول والذين غالبا ما يذهبون ضحية بساطتهم وجهلهم بتصديق ما لا يمكن تصديقه. مستحيل أن يصدق العاقل قصصا من وحي الخيال فإذا صدق المرء فلا عقل له, وغالبا كل محرض يبحث عن تلك النوعية الجاهلة والبسيطة لأنهم مهيئون لتقبل ما يسمعون.
لا بد من فهم نفسيات المحرضين المريضة ودوافعهم وأهدافهم كي تسهل مواجهتهم والحذر منهم وإيقاف نشاطهم. يتظاهر المحرض في أول ظهور له بالروح الرحيمة التي تحب الخير للناس وتود النضال ولو لوحدها لردع الظلم وغير ذلك من صفات تحبب الناس فيه وتجذبهم إليه وتجعلهم دون وعي ينصاعون لآرائه حتى يكون قاعدة جماهيرية عريضة تتبعه كالقطيع فيبدأ مرحلة التحريض على كل بلاء من أجل غايات منها السلطة والشهرة والمال وتصفية الحسابات مع المخالفين.