د. محمد عبدالله الخازم
من المبادرات الجميلة التي نراها في مجتمعنا الصحي ونتمنى زيادتها تلك المبادرات التي يقوم بها بعض الأطباء والممارسين الصحيين بتقديم العلاج المجاني الخيري للفئات المحتاجة، أو التطوع بعقد عيادات أو التدريب أو التثقيف في مناطقهم الأم أو في المناطق الصغيرة والطرفية، حسب الاحتياج، بل إن هناك من يبادر حتى بالممارسة الخيرية والتطوعية المهنية خارج البلاد، ولكن أحياناً تكون هناك صعوبات تعيق الراغبين في القيام بمثل هذه الأعمال الجليلة، ومنها :
الترتيبات (اللوجستية) فمثلاً؛ عندما يريد طبيب ما أن يتبرع بأيام من وقته لمعاينة حالات بمنطقة أخرى، فإنه يحتاج إلى ترتيبات مع الجهات ذات العلاقة بتلك المنطقة، تلك الترتيبات أحياناً، تستهلك الوقت وتحتاج خبرات إدارية لا نتوقع أن يجيدها الطبيب أو أن يكون لديه الوقت للقيام بها كفرد. طبعاً نفس الفكرة عكسياً، لو أرادت منطقة ما استقطاب متطوعين للقيام بمهام تطوعية لديها فإنها تحتاج التعرف على أولئك الأطباء والتواصل معهم وإنهاء الترتيبات الإدارية المختلفة.
الترتيبات المهنية، وهذه غير منظمة بشكل كاف، ونقصد بها هنا التأكد من كفاءة المتطوع ونظامية عمله وتسجيله بالهيئة وتحمله تبعات أية أخطاء قد تحدث، وتوثيقه للمهام التي قام بها في ملف المريض والتأكد من التنسيق مع ممارس محلي يتولى متابعة المريض.. إلخ.
الترتيبات المادية، حيث إن فكرة التطوع والعمل الخيري المهني تعني تبرع الممارس بوقته وأجره المفترض للقيام بالعمل التطوعي، لكنه لا يفترض أن يدفع من جيبه التكاليف الإضافية للسفر والسكن مثلاً، لأن العبء هنا يصبح ثقيلاً عليه وإن فعلها مرة فهو لا يستطيع تكرارها.
من هنا يحتاج الأمر إلى آلية أو إلى جهة تتولى مساعدة المتطوعين والأفراد والجهات المستفيدة من خدماتهم، للتغلب على العقبات أو الصعوبات أعلاه.
الجهات الرسمية مثل وزارة الصحة حتماً ترحب بتلك المبادرات التكاملية والداعمة لجهودها الرسمية في تقديم الخدمات الصحية في كافة المناطق سواء عبر الممارسين الدائمين أو الزائرين.
فالتطوع والعمل الخيري غالباً ما يكون مسؤولية المؤسسات الأهلية التي يبادر المهتمون بتأسيسها ويدعمها أهل الخير والمؤسسات المختلفة عبر أذرعها الخيرية والمتعلقة بالمسؤولية الاجتماعية أو الداعمة للتطوع بمختلف مجالاته.
الأكيد أن الراغبين في الممارسات التطوعية المهنية في وطننا والداعمين والمهتمين بدعم مثل هذه الأعمال الإنسانية كثر، لذا يبدو أن المبادرة بتأسيس جمعية أو مؤسسة أهلية لدعم العمل التطوعي المهني الصحي أو بمعنى آخر لتكون حلقة (وصل) بين المتبرعين والمستفيدين من تبرعاتهم ستكون إيجابية جداً، والأكيد أنها ستحظى بدعم كبير سواء من الممارسين المنخرطين في أعمالها أو الداعمين من أصحاب المال والأعمال؛ لذا فإن المتوقع ضرورة دعم وزارة العمل والتنمية الاجتماعية مشكورةً فكرة تأسيس مثل تلك الجمعية، ولا سيما وهي الداعم الأول للعمل الأهلي بما فيه المتعلق بالجوانب الصحية.
يوجد العديد من الجمعيات الصحية الخيرية سيدعمها ويتكامل معها وجود مؤسسة أهلية تدعم التطوع المهني للممارس الصحي، وتدعم انتقال الكوادر المتطوعة من منطقة أو مدينة لأخرى وتسهيل الصعوبات المشار إليها أعلاه.