محمد سليمان العنقري
تسلَّمت المملكة قبل أيام رئاسة مجموعة العشرين التي ستعقد قمتها في الرياض في نوفمبر 2020م وحتى ذلك التاريخ سيعقد عشرات الاجتماعات التي ستضم وزراء ومسؤولين وكذلك فئات عديدة ينتمون لمؤسسات مجتمع مدني بكافة الدول الأعضاء بخلاف التغطية الإعلامية التي ستواكب تلك الاجتماعات والتي ستعني زيارة وفود إعلامية بأعداد ضخمة من دول المجموعة وهو ما يعني أن فرصة تاريخية ستنعكس من هذه الاستضافة لاطلاع كافة الدول الأعضاء بمختلف أطياف مجتمعاتهم على تطور المجتمع السعودي والتوجهات الإستراتيجية للاقتصاد الوطني المتمثّلة برؤية 2030م. فقمة العشرين التي تضم 19 دولة بالإضافة للاتحاد الأوروبي والتي تبلغ نسبة اقتصادياتها مجتمعة ما يمثِّل 85 % من الناتج الإجمالي العالمي و75 % من حجم التجارة الدولية تعد بامتياز هي الحدث الأكبر سنوياً عالمياً منذ أن وقعت الأزمة المالية العالمية عام 2008م وانتقلت المجموعة لمرحلة جديدة بعدها بحيث باتت تعقد على مستوى القادة وليس كما كان سابقاً على مستوى وزراء المالية ورؤساء البنوك المركزية، إذ تغيّر حجم وشكل التنسيق بين دول المجموعة ليصبح أكثر تأثيراً بالتوصيات التي تصدر عن القمة على الاقتصاد العالمي، فقمة الرياض ستعالج العديد من الملفات المتعلّقة بالتنمية البشرية عموماً بالإضافة للقضايا المالية والاقتصادية والاجتماعية المستجدة، فالعالم يمر بأدق مراحله اقتصادياً بسبب النزاعات التجارية وكذلك عدم استقرار العديد من دول العالم خصوصاً بالشرق الأوسط وما لذلك من انعكاس سلبي على استقرار الاقتصاد العالمي.
فما زالت بعض الدول الكبرى تعمل على حماية اقتصاداتها من خلال الحمائية وفرض الرسوم على الواردات وكل ما يندرج تحت اسم الحرب التجارية خصوصاً بين أميركا والصين، والمخاوف ليست من عدم التوصل لحل لهذه الحرب فقد يتم نزع فتيلها خلال أسابيع قليلة فللدولتين مصلحة بإنهائها لكن الخوف من تكرارها مستقبلاً مما يستدعي تطوير عمل المنظمات الدولية لمنع اشتعال مثل هذه النزاعات، وكذلك لا بد من العمل على تطوير المواثيق الدولية لتمنع قيام الحروب التجارية بحيث يكون هناك حلول لأي خلاف تجاري بالسرعة الممكنة ويضمن حق كل الأطراف ويصبح بمثابة آلية يتم الالتزام بها فمنظمة التجارة العالمية رغم ما لديها من أنظمة ولجان للنظر بالنزاعات التجارية للدول الأعضاء بالمنظمة لكن من الواضح أنها ضعيفة وبلا أنياب والدليل عدم قدرة المنظمة على حل النزاع الأخطر بين أكبر اقتصادين في العالم. ومن المأمول أن تعقد قمة الرياض وما يسبقها من اجتماعات وقد انتهت هذه الحرب التجارية لتمثّل القمة مرحلة جديدة لتعزيز العمل الدولي الاقتصادي والتجاري خصوصاً مع تركيز المملكة على تطوير اقتصادها وما تحمله رؤية 2030م من آفاق تعاون دولي واسع مع العالم وما تتيحه من فرص استثمارية وكذلك إيصال صوت منطقة الشرق الأوسط للعالم بأن دوله تبحث عن مستقبل اقتصادي أفضل بحكم ما تملكه من إمكانيات هائلة.
وجود قادة أكبر دول العالم غير المسبوق بالعالم العربي يعد فرصة كبيرة لطرح قضايا المنطقة بجانب ما هو مقرر من أجندة بهذه القمة، وعلى جانب آخر فهي فرصة ليتعرَّف العالم على السعودية وما تعمل عليه لمستقبلها وما وصلت له من تطور اقتصادي واجتماعي مما يعد فرصة تاريخية للتواصل المباشر أيضاً من أطياف واسعة من المواطنين مع نظرائهم في دول تعد الأكثر تطوراً اقتصادياً.