فوزية الجار الله
ذات زمن، كانت الصحافة المطبوعة تتصدر المشهد، وتجد لها متابعين من شتى بقاع الأرض، هي الوسيلة الوحيدة المتجددة التي تحمل أخبار العالم بشكل مستمر، متواصل، حيث يجد فيها الصحفي والكاتب أمله المنشود للتواصل مع قرائه، في ذلك الزمن كانت الصحف والمجلات في سباق مستمر لكي تتصدر الواجهة حيث يجد فيها القارئ ما يمتعه من مستجدات الأخبار العالمية والمحلية بمجالاتها كافة..
أتابع معكم حديثي حول محتوى مجلة قديمة وجدتها خلال جولتي عبر الإنترنت، هي نموذج للصحافة الفنية في ذلك الحين، إضافة إلى أنها تعرض شيئاً من ثقافة المجتمع السائدة في ذلك الوقت، ألمس هنا بعضاً من التغيرات الطبيعية التي تحدث في اللغة من خلال المفردات والمصطلحات المستخدمة، على سبيل المثال، تسمية الغرفة بـ»الحجرة»، يظهر ذلك في أكثر من موضع، ففي أحد الإعلانات عن نوع من الستائر، يذكر الإعلان: أن هذه الستائر تزيد «حجرتك» فخامة وتضفي عليها جواً شاعرياً جميلاً، يظهر ذلك أيضاً ضمن مقال للمخرج «حلمي رفلة» يتحدث فيه أنه سافر ذات صيف إلى باريس للاستجمام ونسيان متاعب العمل الشاق، وأخذ يبحث عن «حجرة» في فندق أو بنسيون فلم يجد، وأقبل الليل وهو يدور بالتاكسي في الشوارع وما بين مكاتب التأجير فلا يجد مكاناً للمبيت وكان معه عنوان صديقه «يوسف وهبي» عندها يقرر التوجه إليه في فيلته المستأجرة لكي يبيت لديه هذه الليلة، ثم يستأنف البحث في الصباح، وقد وجد هناك كل الاهتمام والترحيب وحسن الضيافة من يوسف وهبي وزوجته وابنته.. يتضمن العدد أيضاً إعلاناً عن مقال لمحمد أنور السادات الذي كان يشغل رتبة قائمقام في ذلك الوقت، المقال بعنوان «قصة الثورة كاملة» وتضمنته مجلة الهلال، أيضاً يتضمن العدد إعلاناً لمجلة الأطفال «سمير» والتي كانت من أفضل المجلات في ذلك الحين.. يتضمن العدد أيضاً صورة « بالألوان، بالحجم الطبيعي» لإحدى الفنانات، وقد درجت المجلة على إصدار هذه الصورة أسبوعياً مع المجلة كوسيلة إضافية لجذب القراء وقد كان الكثير من المراهقين خاصة يحرصون على اقتناء تلك الصور لتعليقها في غرف النوم أو المنزل.
في عدد آخر من المجلة المذكورة، يكتب العقاد عن أحد الأفلام السينمائية الذي نال إعجابه، وأيضاً يتم الإعلان عن مسابقة المجلة بجوائز أكبرها بمقدار «عشرة جنيهات مصرية»، صدر هذا العدد في أبريل 1949م.. كان ذلك مجرد استعراض سريع لشيء مما تضمنته مطبوعة قديمة وربما لا تزال أعدادها تصدر حتى الآن لكن بصورة أخرى.