فضل بن سعد البوعينين
حدث مهم واستثنائي استضافة المملكة لقمة مجموعة العشرين ورئاستها للدورة الحالية التي بدأت في الأول من شهر ديسمبر الحالي، وتنتهي بنهاية نوفمبر من العام القادم 2021. جهود حثيثة قامت بها الأمانة السعودية لمجموعة، والوزارات والهيئات الحكومية المعنية، لضمان نجاح رئاسة المملكة للدورة الحالية، وتحقيقها الأهداف المرسومة.
ستسهم رئاسة المملكة في إبرار دورها الدولي، وتأثيرها في الاقتصاد العالمي وتسليط الأضواء عليها ما يستوجب استثمار الحدث إعلاميًا واقتصاديًا وسياسيًا وثقافيًا، وبما يعكس الصورة المملكة النقية والتحول الكبير الذي طرأ عليها، ويصحح التصورات الخاطئة عنها.
وقبل كل هذا التأكيد على خلق بيئة داعمة لاحتضان أعمال المجموعة لضمان جودة المخرجات وانعكاساتها الإيجابية على المملكة، والدول الأعضاء والعالم أجمع؛ وهو ما أكد عليه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز في كلمته التي جاء فيها «ونعلن للعالم تفاؤلنا وسعينا إلى أن نبني للمجموعة بيئة حيوية للخروج بمبادرات ومخرجات تحقق آمال شعوب العالم». وبالرغم من أهمية الاستضافة لتقديم الملفات ذات الأولوية بالنسبة للمملكة إلا أن القيادة وضعت ضمن أولوياتها تقديم «منظور منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، إضافة إلى وجهات نظر الدول النامية»، وهو تقليد لم تحد عنه المملكة في جميع مشاركاتها واستضافاتها الدولية. ولعلي أشير إلى توجيه الدعوات إلى الإمارات، الأردن، فيتنام، جنوب إفريقيا، صندوق النقد العربي، البنك الإسلامي للتنمية، سنغافورة وغيرها من الدول ما يؤكد اهتمام المملكة ببعدها الإقليمي والدولي وسعيها لإشراكهم في أضخم التجمعات الاقتصادية العالمية.
قبل التطرق لمبادرات المملكة، ينبغي التمييز بين الملفات الرئيسة المنقولة من الدورة السابقة ويتم استكمال دراستها في الدورة الحالية، وفق العمل التكاملي لأعمال المجموعة، وبين الملفات التي ستقدمها ضمن مبادراتها النوعية. لذا شدد سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان على مواصلة العمل الذي انطلق من أوساكا وتعزيز التوافق العالمي، في إشارة إلى العمل التكاملي بين دول المجموعة؛ كما حدد أيضاً الهدف العام الذي ستركز عليه المملكة وهو «اغتنام فرص القرن الحادي والعشرين للجميع»، ومحاوره الرئيسة المتمثلة في تمكين الإنسان، الحفاظ على كوكب الأرض، وتشكيل آفاق جديدة من خلال اعتماد إستراتيجيات لتبادل منافع الابتكار والتقدم التكنولوجي، وما صدر عنها من مبادرات مهمة في الأمن المائي والغذائي، الاقتصاد الرقمي، الطاقة، والمرأة والشباب.
أركز على جهود المملكة في ملف التغير المناخي، المرتبط بمحور الحفاظ على كوكب الأرض. فبالرغم من أن الاقتصاد الوطني قائم على إيرادات النفط، إلا أن جهود المملكة في حماية البيئة، والتغير المناخي، باتت أكثر وضوحًا، وفاعلية، ومنها تبني مبادرات تهدف للحد من مشكلات التغير المناخي وتحقيق الأمن البيئي، وخلق الابتكارات ذات العلاقة بإعادة تدوير الكربون، وخزنه للحد من أضراره البيئية، والاهتمام بإستراتيجية التشجير، إضافة إلى التنويع في مزيج الطاقة والتوسع في إنتاج الطاقة البديلة ومنها طاقة الرياح والطاقة الشمسية. تضع المملكة ثقلها لإنجاح قمة مجموعة العشرين القادمة، واستثمار رئاستها لتقديم المبادرات النوعية التي تهم المنطقة والعالم، وتحقيق التوافق الأمثل الذي سيعزز مخرجاتها - بإذن الله.