عبده الأسمري
جُبل «الإنسان» على حب «التقدير» ومحبة» التكريم»، وهذه طبيعة سجعت بها «النفس الإنسانية» وغشت كل منحنيات «الحياة».. ولكل إنسان «سيرة ذاتية» و»مسيرة شخصية» قضاها بين العلم والعمل ووسط المجتمع وبين المسؤولية بكل اتجاهاتها.. هذه السيرة مكتوبة ويحملها بين أوراقه ويحفظها في أجهزته ويتباهى بها بين رفاقه ويستعين بها في مهامه.. لتبقى مكتوبة بوقائع الشهادات ومسجلة بحقائق الإنجازات..
كل البشر لديهم سيرة حتى وإن لم يتعلم، فصاحب الحرفة يمتلك سيرته في متجره، ومالك المهنة يملك مسيرته في مصنعه..
يتخاذل الإنسان كثيراً في مسؤوليته ويخذل آخرين ممن وقعوا في محيطها فترتسم معالم «الحيرة» وتتجلى ظنون «السوء» وتسقط حيل «التقاعس» فيأتي «الفشل» في أسرع قدوم معلنًا «السيطرة» في الأجواء و»الاحتلال» في التعامل.
المسؤولية كيان متكامل من الأمانة والنزاهة والتضحية والصدق والوفاء، بدءًا من أول يوم دراسي يقتضي فيه «الذوق العام» وتؤكد خلاله «التربية السليمة» الحفاظ على ممتلكات الصف الدراسي وانتهاء ببقايا أنفاس للإنسان في دنياه تلزمه بأن يسجل آخر الحسنات في صحيفة أعماله بالقول والفعل والأثر..
لدينا خلل أزلي يتعلق بمفهوم المسؤولية، تقاعست فيه «الأسر» وتخاذلت خلاله «المدارس والجامعات» وتأخرت فيه «مؤسسات المجتمع» فأصبح «الرمي بالتهم» و»الرجم بالغيب» و»الإخلال بالذمم» بؤس يحاصر جنبات المجتمع ويرسم «الزيف» على وجه «الحقيقة»..
غابت عنا معاني المسؤولية الحقة سواء في جوانب «مناصب الفرد» أو «مهمات الجماعة» في ظل سلطنة «الذات» وسلطة «المصلحة».. وغاب معها «المفهوم» الدقيق والمعنى الأدق لذلك، فالكل مسؤول في صيحات «التطبيل» وتصفيق «التبجيل» والجميع معذور في ساحات «المحاسبة» وتدقيق «التحقيق».
في المفهوم الرسمي لدينا تطل المسؤولية من خلال «برستيج» بائس للمسؤولين يعتمد على السائقين وحراس المكتب وزبانية البهرجة وصبابة القهوة وزفافة المناسبات.. لتظل عين على «الراتب» وأخرى على «ثبات الكرسي».. وفي المنطق الاجتماعي تنحدر المسؤولية من أفق الواجب إلى قعر التراخي ومن نجاح الإقدام إلى فشل التراجع..
يخلط العديد ممن حملوا «وزر» المسؤولية بين المكاسب والاكتساب.. حيث يتشبثون بتحقيق آمالهم العريضة في «المكسب الشخصي» ويدخلون في متاهات «الطمع» للظفر بالمزيد من المال والجاه والمناصب ويتناسون «المكتسب الذاتي» في إعانة الآخرين وإدخال السرور عليهم وفي مساعدتهم وتفريج كرباتهم وحسن التعامل معاهم، فيهرولون ويندفعون نحو «المصالح» ويتقاعسون ويترددون في «المطامح».
المسؤولية «الحقيقية» هي من توزع هدايا «النفع» بين ثنايا «الشفع» وتنثر عبير «السخاء» وسط تسطير «العطاء» في أي اتجاه «للقرار» ونحو أي مشرب «للفرج».. وهي من تصنع للمسؤول «شكراً» في حضوره و»ذكراً» في غيابه، وهي من ترفع «صاحب التأُثير» وتسقط «فاسد التوجه».
المسؤولية «الوظيفية» و»الاجتماعية» تكليف يخضع للاستحقاق أو الإخفاق في خضم «محكات» من الصلاحية والنتائج و»مؤشرات» من الأداء، والمردود يأتي فيه «المشمولين» بدائرة «الرعاية» والمنتسبين لمستوى «الخدمة» كشهود عيان يكتبون للتاريخ «الرأي المحايد» وينسجون للأجيال «القول السليم» الذي تؤطره «حدود التقييم» وتؤكده «معالم الرضا»..
تغدق المسؤولية على صاحبها باكتساب «محتوم» ومكسب «مضمون»، وترتفع قيمتها باحتساب «اختياري» يتجه فيه المنتمي إليها إلى «مصاف» النبلاء والفضلاء والأوفياء ممن يرون في «جمال الأثر» و»بصمات السيرة» وجهين أحدهما للثبات والآخر للإثبات، ماضين على أوراق «الإنجاز» بتواقيع «الإجادة» ووقائع «الجودة».
يجب أن يعي من انتسب للمسؤولية بكل همومها ومهامها ومجالاتها ومعانيها بإنسانية «المهمة» و»احترافية» «الأدوار» وتكاملية «الأهداف» في قيمة «المنجز» وقيم الذات.
المسؤولية «فعل» قويم مرفوع بالفائدة مشفوع بالمعاني مسجوع بالاعتناء بكل تفاصيل المهمات لتأسيس «قواعد» الاقتداء وتشكيل «آثار» الثناء من جيل إلى جيل في شتى مناحي الأهداف ومقتضيات الحياة.